ألرد على الشيخ (1)
لفت انتباهي فيديو نُشر مؤخراً على الأوساط الإجتماعية، يُظهر شيخاً يخاطب عن فهمه لبعض آيات قرآنية،
و الواضح أنه مدفوع بطيب نيته، لكني أرى أن آراءه تستوجب التصحيح،
إننا إذا أخذنا الكتاب على أنه شريعة: نقع في الحفرة عينها التي وقع فيها جميع أهل الشرائع التي خُطت بأيدي الناس و نُسبت للسماء،
و هذه جميعها أدوية، عساعا نفعت في حينها، لكنها غير صالحة اليومَ، و لعلها ضارة، كما قلنا تكرارًا على هذه الدائرة،
فالشريعة تتناول أموراً طبيعية عرضية،
أما السبل التوحيدية فهذي تدل على الفضائل التي تعرض الشرائع و التقاليد في أزمانها و ظروفها،
لذلك فإن الإعتقاد أن شرعاً ما: هو الحق: سكون عليه: و يُضفي علية خاصية وجودية لا يستحقها،
فلما جاء في الكتاب الكريم أنْ أنكحوا ما طاب لكم مثنى فثلاث فرباع، و إن خفتم ألا تعدلوا فواحدة ... ثم بعد عدد من الآيات: لن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء و لو حرصتم ...:
فهذه إذا عُزلت عن كلية الآية تصير مادةً للجدل و التمرين الفكري المنطقي، و تغدو الأنباء الكلية حشواً لا محلَّ فكريٌ له، إلا من ظرفه و زمانه،
حاشى على الكلم أن ينزل منازل اللغو الطبيعي اللابس حلية العفة و البراءة التصرفية،
لذلك، فسواء أجادلنا أن الآية المتعالية تأمر بالزواج مرةً واحدة أو عدة مرات: لا نتجاوز التشريع الظرفي الزمني،المقصر عن بلوغ الفضيلة التي عرضته،
لذلك، و بعد فشل الشرائع الفادح الأولى أن يؤخذ الكلم من حقيقته، و الذين لا يزال قولاً عليهم ثقيلًا: فهذا شأنهم، و قد أتت هذه الصفحة بالقراءة الصحيحة التي لا تعزل أمراً، فتأتي بأوامر الذين أخذوا نصيبهم من الكتاب،
تلك المعتقدات قد سقطت جاهزاً، و سوف يبقى منها تذكير للناس، لئلا يرتدوا
ألرد على الشيخ (2)
يرتكب أهل الشرائع الدينية الجرائم التي لم يرد ذكرها في شرائعهم و لا يترددون، و يزدادون رسوباً في بهيميتهم و يحسبون أنفسهم أتقياء و ديّنين،
و لا يتنبهون لفساد أخلاقهم و تخلف شعوبهم، و قد وعدوا أنفسهم جنة خالدين فيها أبداً و خلاصاً و نصراً على أعدائهم و إرث الأرض و ما عليها،
و هذا العصر عصر تقصي أسباب الأشياء، لكي يتساءل الناس عن سبب خلقهم، و ينتهوا عما لا ينفعهم بل يزيدهم غباء و جهلاً،
لم تردعهم شرائعهم عن الجريمة و الفواحش، و لا الطقوسُ و التقاليدُ و الشعائرُ، إلا حسب تعريفهم،
أليومَ ابتكر الفكر أعمالاً و مفاهيم لم ترد في أذهان علمائهم و أئمتهم و عقّالهم،
و فرضها الزمان عليهم، ولا جواب عندهم أحلال هي أم حرام،
و إذا رجعوا إلي تفاسيرهم و شروحهم و قواميسهم لن يجدوا لها ذكراً،
هذا ليحثهم الزمان على التبصر و التفكر،
و يعملوا بهدى عقولهم و أخلاقهم، و يتعلموا و يصححوا أخطاءهم،
فيزدادوا علماً و حكمةً و يكونوا سائرين على سبل التوحيد المجيدة،
توحي كلمة ربكم حسَنَ الفكر و القول و العمل في ظرفه و زمانه لأبناء السبيل، و يقيس أهل الشرائع الحلال و الحرام بقواميس كتبتهم و أزياء رجال دينهم
ألرد على الشيخ (3)
ليست المرأة للشهوة ولا هي للإنجاب يا حضرة الشيخ،
و ليس للرجال حق أن يقرروا لما المرأة، أكثر مما للنساء حق أن يقررن لما الرجال،
و ترى العقّال يمشون أمتاراً قدام نسائهم،
لا تقل هذا للدفاع عنهن و حفظاً لشرفهم و كرامتهم،
بل لا يبدو إلا تكبراً على المخلوق الضعيفة الجسم و الصوت،
التي تطبخ طعامك و تنظف منزلك و ألبستك و تخفي في صدرها ما ينهكها و يثير في نفسها القرف،
و تنجب لك الأولاد و الأحفاد، و لم يؤخذ رأيُها لمّا حملت،
فإذا كنت جاهزاً للبذر واجبها أن تستقبلك إذا لم تكن في حيضها، هذا واجبها الديني الذي قررتَه لها يا حضرة الشيخ،
لكن العالم الذي عساك تحسبه كافراً فاسداً يتجه إلى ردم الهوة بين الذكور و الإناث، و الرجال قوامون على النساء إذا كانوا عقلاء رحماء، و النساء قوامات على الرجال إذا كن عاقلات راحمات،
و النساء اليوم يتعلمن و يتثقفن، و ينظّر بعض الباحثين أن مشاركتهن في المناصب الحكمية و الإدارية يلطف عدائية الذكور الغريزية و يحد من منافساتهم المدفوعة بالهورمونات الذَّكرية،
و عندما أرى نساء الطوائف التي تعدّ نفسها إسلامية: مكفناتٍ حيّاتٍ في ملابسهن ... أتساءل هل لجم حجابُهن شهوة الرجال، و هل صاروا بعد آلاف السنين من فرض الحجاب و الخمار على نسائهم عقلاء راقين؟
لا أستطيع أن أجيب إلا سلباً يا حضرة الشيخ،
و الرجل الذي استحوذت شهوتُه على عقله لن يسترجعه له حجابُ النساء، لا تعاقبوا النساء على بهيميتكم
ألرد على الشيخ (4)
خير ما أنصحك يا حضرة الشيخ أن تهمل شريعة المنصور الذي لقب نفسه حاكماً و شرع يطلق أحكامه التعسفية القراقوشية، و سجن النساء عشر سنين في بيوتهن ...
فهو الأعلم بهن و بسوء أخلاقهن، و جعل لهن ميثاقاً خاصاً،
و رأى عبدته و كتبته قدسية و حكماً علياً في ظلمه و هزله،
و راحوا يحكمون و يقطعون و يقولون قال الله، شأنهم شأن علماء من سبقهم من المسلمين و أئمتهم المعصومين عن الخطأ،
و لا يزال أهل الشرق على شريعة من سبق الأديان الإبراهيمية، يستهونون ذبح النساء و رجمهن بالرصاص حفظاً لشرف ذكور قبائلهن و يقولون هذا أمر الله،
و إذا الموؤودة سئلتْ لأي ذنب قُتلت ... يفهمها هؤلاء حتميه إلاههم منذ خلقه العالم، فهكذا ينعم عبدة المنصور في كل جيآته برخصة الذبح لأنها ما قدّره و كتبه ...
و الأمم غير الدينية تطور علومها و قوانينها لتجاري مسيرة الزمان و تبقى قوية و ذكية،
مهد سبلَ المعارف الطبيعية و المجردات الفكرية و القيم الإنسانية كتابا سبب الأسباب و معراج الموحدين،
هذي سبل لا تشترط التسليم بمسلمات الأديان و الطوائف لأنها قائمة على غرائز العقل التي فطر ربكم الناس عليها جميعاً،
عساهم يصحون من سبات دام طويلاً،
لن تصحوَ شعوب الشرق ما دامت أديان الشرق و طوائفُه تنتظر معجزات إلاه كلٍ منها ...
و لن تنجوَ طائفة من قدر العذاب الذي جلبته على نفسها، ما دامت مكفّنةً بخرافاتها و تقاليدها و عصبياتها
ألرد على الشيخ (5)
ألشرائع الدينية اليومَ كلها غير صالحة،
و حال الشرق و أهلِ الأديان و الطوائف المأساوية: ليس لأنهم لم يسيروا على شرائعهم، بل لأنهم اليوم يسيرون عليها،
فهي تغض الطرف عن فساد الحكام و تحل ربو الأموال بالطرق التي تراها حلالاً،
و تحل الرشوة و العمولة التي يقبضها الحكام من الشركات الدولية العملاقة،
و تحل الإحتكار و التلاعب بالأسعار،
و تحل الثراء المفرط و تغض الطرف عن الجوع و الفقر الناتج عنه،
و لا يجد رجال الأزياء و الألقاب المقدسة يا حضرة الشيخ موضوعاً لخطبهم غير تحميس العداوة و العصبية لدينهم و طائفتهم،
و تتدهور الأوضاع من سيء لأسوء، و ليس لدى هؤلاء غير الوعد بالجنة و ضمان الخلاص المحتوم منذ الأزل ...
هكذا الأديان و الطوائف اليومَ دعامة من دعامات الطاغوت الذي ما أُنزلت كتب و حكمة إلا لتزيحه،
ألكتب و الحكمة متعالية على شرعك و شرع غيرك يا حضرة الشيخ
ألرد على الشيخ (6)
و لما جاء في الكتاب الكريم "هو الذي يصلي عليكم و ملائكتُه ليخرجكم من الظلمات إلى النور و كان بالمؤمنين رحيماً" (ألأحزاب):
ألواضح أن هذا يشير إلى رحمته التي لا تستثني أحداً،
إلا في أذهان الذين يحبون البغضاء و العداوة،
ليخصصوا أنفسهم بالجنة و الخلاص و يشمتوا بأعدائهم،
و قلنا على هذه الدائرة أن الله لا يُصلّي على ما خلق، و تعالى على خلقه علواً لا تطاله التعابيرُ اللغوية و المفاهيم الفكرية،
و لما جاء في الكتاب أن الله و ملائكته يصلون على النبي:
أتخذها الذين يحبون أن يفرقوا بين الأنبياء ذريعة ليقولوا أن دينهم هو الدين الصحيح حصراً،
شأنهم شأن المسيحيين الذين قالوا أن عيسى ابن الله قد خلت من بعده الرسل و ألغى ما سبقه،
و باتت صلاة الله كما يفهمها الذين جعلوا دينهم شِيعاً خاصة نبيهم و آله و منهم من أضاف صحبه ...
ثم أضافوا التحياتِ في صلاتهم لم تأت في القرآن ليسألوا الله أن يصلي على إبراهيم و آل إبراهيم شاملين الشعبين العربي و العبري معاً حسب التاريخ الذي لا يختلفون عليه ليكون حجة عليهم،
ثم جاء في مصحف المنفرد بذاته "عليهم (الرسل) منك صِلات الصلاة"،
فأُعيد الكلم إلى مواضعه في العقول،
ثم قلنا على هذه الدائرة أنّا نقرأ يصلي و يصلون بغير الشدة على اللام، لتكون بمعنى المراقبة الدائمة لغاية التحذير و تصحيح المسارات،
و الصلاة كما يفهمها الناس اليوم فعل لا يصح أن يُقال عن خالق على مخلوقه،
تتغير مدلولات الكلمات عبر الزمان و لا يتنبه لتغيرها علماء الدين و أئمته و عقّاله،
لأنهم لا يريدون أن تتغير تعابيرهم:
لأنها تفرق بينهم لتخصصهم:
لأنهم غافلون عن كل معنًى
ألرد على الشيخ (7)
يا ليت الشرق يا حضرة الشيخ كان الأمة الوسط التى عرض ربكم عليه أن يكون،
أمة تهتدي و تهدي إلى الحق الذي فوق المظاهر الطبيعية و فوق المعتقدات الدينية،
تتسابق الأمم الصناعية لتتفوّق في الصناعة و الإقتصاد،
و تحفز شعوبها بالإنتاج و الإستهلاك،
و لا تتسهل حياة هؤلاء في أمر إلا لتتعقّد في أمور أخرى،
و تتسارع دوامة التقدم الصناعي و لا تهدأ،
و يجد الناس أنفسهم حاملين أعباءً إقتصادية، تكاد تنتهي أعمارهم قبل أن تنتهي حاجاتهم المالية و الإستهلاكية،
فمن أين لهم السعادة و راحة البال؟
فإذا كان الدين ليلبي حاجة الناس الروحية: فالأولى به أن يخاطب عقولهم،
في هذا الزمان، زمنُ المعارف الطبيعية، و التعرف على أسباب الأشياء،
يحكم الشرقَ، و منذ زمنِ فراعنة مصر، ذوو الأزياء والألقاب، و الأصول و الأنساب،
و البطّاشون و السفاحون و مجانين الخلود و العظمة،
هؤلاء: لا علم عندهم،
و لولا دعم رجال الدين و الأزياء و عشائرهم لهم لما دام حكمهم،
و النفس الإنسانية مفطورة على النفور من الظلم و الظالمين،
و كل ما يقوم على الظلم سوف يهلك بقانون هذا العالم، مهما أطالَ الزمانُ تمهيلَه،
لقد بدأت تتداعى أسس الأديان الإبراهيمية، منذ نهضة المعارف الطبيعية، و فُضِحت خرافاتها،
و كُشِفت بدائية مقاييسها الأخلاقية، التي جلبت عليها التخلف و الغباء و العذاب،
و ظلمت شعوبُ هذه الأديان بعضُها بعضاً،
فاحذروا يا حضرة الشيخ قدراً أسوءَ، تحذيراً لم يخلُ منه كتابٌ و لا حكمة،
و حذروا زملاءكم في الجوامع و الخلوات و الكنائس،
أنْ إذا بقي الشرق على تقاليد أجداده فسوف يُفني نفسه، و يرث تلك الأرض أناسٌ تقدموا بمعارفهم و أخلاقهم و أنظمة حكمهم،
ليس لدي بلورة سحرية و لا ينزل علي رجل من السماء مُجنّح،
هذا قانون هذا العالم، إقرؤوه في الكتب و الحكمة، و تاريخ الأمم، إن كنتم صادقين
ألرد على الشيخ (8)
لا يقوم وفاق إلا على أسس عقلية،
أما الأسس الإعتقادية فهذه شخصية و لا يتوافق عليها كل البشر،
لا يستطيع أهل الشرق التمييز بين العقل و المعتقد،
لأنهم يحسبون معتقداتهم عقلية،
و لأنهم لم يدربوا فكرهم على المسالك المنطقية المجردة من المعطيات المادية الواقعةِ، النسبيةِ المُنتهى،
و الواضح من نظريات مفكريهم أن هؤلاء لم تفتح علومُهم أبوابَ الفكر الحر و العقل في رؤوسهم،
فباتت علومهم و شهاداتهم مثل الحِرف المهنية كالنجارة و الخياطة و الحدادة،
تؤمن العمل و الوظائف، و عساها تنظّم الفكر قليلاً، لكنها لا تدل على العقل،
لأن هؤلاء يذهبون إلى المدرسة و الجامعة حاملين أعباء اقتناعاتهم المسبقة و معتقداتهم،
لأنهم يخافون تهديد رجال الدين و الأزياء يا حضرة الشيخ،
لذلك فإنها مسؤوليتُكم و مسؤولية زملائكم من الطوائف الأخرى يا حضرة الشيخ، أن تدعوا إلى الوفاق بين الأديان و المذاهب السياسية: ليس من موقع صحة واحد منها و بطلان الأُخر،
بل من موقع أن الحكم لله وحده في هذا الأمر،
هكذا يغدو واجباً عليكم جميعاً أن يحمي بعضُكم بعضاً،
فيكون السباق إلى إصلاح بلادكم بدلَ تهديمها،
و رفع الظلم عن الناس بدل زهق أرواحهم،
عساكم تهتدون لما أُمرتم في الكتب و الحكمة إن كنتم تقرؤون
ألرد على الشيخ (9)
لا يزال ذوو الألقاب المقدسة و الأزياء يحاضرون عن الفضيلة،
و لم يهدؤوا يوماَ واحدأً و منذ آلاف السنين،
فأين وقعَ كلامُهم؟ هل يتساءلون؟
و بلادُهم مربى الفساد و الأحقاد،
كونوا صادقين يا حضرة الشيخ،
و ادعوا زملاءكم من علماء و أئمة و مطارنة و كرادلة و حاخامين ... جميعاً أن يكونوا صادقين،
أنَّ الفضيلة علّمها ربُّكم كلَّ الرسل،
ليشهدوا كلَّ كتبهم و يستشهدوا بها كلّما يحاضرون،
فهكذا تكون الفضيلة حقاً لكل العالم،
لأن ما يقرأ هؤلاء من كتبهم و لا يقرؤونه من الكتب التي سبقت كتبهم أو تلتها: ليس إلا دعايةً سياسية،
لا يبذر في النفوس إلا التفرقة و الكبرياء و يسعر نار العداء،
ألذي لا يرى الفضيلة في الكتب و الحكمة يا حضرة الشيخ لا يراها في كتابه،
كفوا عن الدعاية السياسية يا حضرة الشيخ و قولوا لهم جميعاً أن يكفوا،
لا تجلب الدعايةُ السياسية عليهم غيرَ ما جلبت
ألرد على الشيخ (10)
صدقني يا حضرة الشيخ،
لن يغضب الله عليك إذا شدَدت (شدّيت بالعامية) مع دين غير دينك و دافعت عن كتابه،
بل إن الإلاه الذي يأمرك أن تعاديه و تتكبر عليه و يعدك بالشماتة به يوم الحساب ...: لا يستحق أن يُعبد،
أقوال أصحاب الألقاب و المناصب المقدسة باطلة و أعمالُهم حابطة و معلوماتهم فاسدة، ما جلبت عليهم غير الذل و الغباء،
ظنوا بربهم سوء الظن و إن بعض الظن إثم،
ما خلق ربكم الإنس و الجن إلا ليعبدوه ...
فمنهم من يطير و منهم من يمشي على رجلين و منهم من يمشي على أربع و منهم من يزحف على بطنه ...
فتبارك و هو الطريق و تبارك و هو الطارق و تعالى و إليه مرجعهم
ألرد على الشيخ (11)
تجهدُ الأديان الإلاهية لبقائها،
خوفاً من قدر كتبه لها إلاهها المفترَض،
و لا تدرك هذه أنه لا يُساوَمُ على الأقدار معه،
و هذا الإلاه لا يملك شيئاً،
و ما نُسب له: نُسب خطأً،
ألرحلة طويلة يا حضرة الشيخ،
لا تسعها رزنامة مفكرتكم و ربكم يبدء الزمان ثم يعيده،
و أئمتكم الذين حسَبوا عمر الكون و وضعوا رقماً لإنهائه مثلهم كالذي يوقف الساعة التي على رسغه ثم ينادي أنظروا يا ناس لقد توقف الزمان!
ليتهم يطلبون العلم و يخرجون من ضيق جهلهم،
بدل العمل على بهر الأنظار و خلب العقول ليُبقوا تابعيهم على سذاجتهم،
كفوا عن وعود ما أنتم وافوها،
هذي الأديان الإبراهيمية ربكم يرفعها و يسقطها رأفة بالناس،
ألذين يحبون الطعام و الشراب و النكاح، مهما ادعوا من فضل و خصوصية، و لا تستحي هذه الصفحة من قولها لهم،
و يحبون الإلاه الذي يحسبونه ضامنها لهم،
كل دين لهم قدر من فهمهم و نظرهم،
خير ما تفعلونه أن تدعوهم جميعاً لينزهوا ربهم عن ظنونهم و أمانيهم،
و لن تفعلوه و أنتم تُسرّون ظنوناً و أمانيَ و تقولون لتابعيكم أنها الحق،
تحسبون أنكم تخادعون الله و رسله و لا تخدعون إلا أنفسكم و من تبعكم،
لن يُكتب للأديان الإلاهية بقاء إلا إذا اتفقت على أسس عقلية وقيم أخلاقية إنسانية،
ليرى الناسُ الحق في كتاب الخلق و الأمر،
فوق البعوضة و فوق الناظر،
و فوق الأمكنة و الأوقات و فوق الكتب و الرسل،
و فوق الحضارات البشرية و الأنساب و الملل
ألرد على الشيخ (12)
أنتم أحرار يا حضرة الشيخ أن تغلقوا باب الدعوى لدينكم،
و لكن يا ليتكم دعوتم الناس لدخول أديانهم،
فلو أن الطوائف الإسلامية بأصولها و فروعها اتخذت القرآن مرجعاً لها لزالت عداواتها و سارت على طريق مستقيم،
و لكن يبدو أنكم قرأتم خطأً مثلَهم،
و جعلتم الدين شِيَعاً و مؤسسات سياسية، مثلَهم،
و قلنا على هذه الدائرة أن الخلافة ليست أمراً في الكتاب الكريم،
و لما سُئل النبيُّ لم يُجب،
هكذا جعل المسلمون دينهم سبباً للعداوة،
و حكموا على الخلق بالكفر و الإيمان قبل ربهم،
و أنتم حكمتم، مثلَهم،
هل تصدقون ما تعتقدون يا حضرة الشيخ؟ و كل الأحداث تدل أن لا قيامة لتلك الطوائف بعد هلاكها في عداواتها و سقوطها الأخلاقي و تخلفها الفكري ...
لا الشيعية و لا السنية ...
و لا الفاطمية ...
لن تحصل المعجزات التي تنتظرها كل واحدة من هذه،
و إذا نجحت واحدة بمسرحة المعجزات، متوكلةً على سذاجة و أميّة قبائلها، فلن تدوم نشوة نصرها أكثر من ساعات معدودة ...
لأنه لا مكان للخرافات في عالم المعارف الطبيعية المتقدمة،
و لا صبر للناس على الحكام المتعسفين المؤلِّهين أنفسَهم و ذرياتهم، الملقبين المتزلفين لهم ألقاب الحكم و القداسة،
تلك أمم خلت و لا حياة لمحنطاتها في هذا الزمان
ألرد على الشيخ (13)
ختاماً يا حضرة الشيخ،
أدعوكم و زملاءكم في الخلوات و الجوامع و الكنائس و ذوي الأزياء و الألقاب الدينية عامة ...
أن تنزلوا عن عروشكم،
و تعترفوا لطوائفكم أن لا علم عندكم،
و أنكم لم تُعطَوا سلطاناً،
و أنكم تظاهرتم مظهراً لا ينطوي على العلم و القداسة إلا بادعائكم،
غير هكذا لن تصطلح بلادُكم، و لن تتوقف الأمم القوية الذكية المجرمة عن استغلال بلادكم و اللعب بأقداركم ... و شعوبكم نائمة على وعد بالنصر و الخلاص، لا قدرة لكم على إيفائه،
كفوا عن الكذب،
و الغوغائية التي تحمسونها لكسب سياسي سريع سوف تنقلب عليكم،
لأن هذا ما جنته أيديكم،
و دعوتكم على هذه الصفحة أن تنزلوا عن عروشكم، فهزئتم و ضحكتم،
لكن الزمان الذي يُمضي تمهيلكم،
لا ينبئني و لا ينبئُكم،
و لا شرطةَ عسكريةَ لديه و لا مالٌ و لا ذهب،
يُجري الأمم و الأيام بالحق الذي عنه غفلتم،
و النفس الإنسانية يا حضرة الشيخ مارد جبار، و قد بلّغتها لكم،
لا يرضى بالسكون في القمقم إلا قليلاً،
سوف يزداد غضباً فيثورُ ثوراً،
و ينزلكم عن عروشكم رغماً،
أنظروا إلى تاريخ الأمم، و لا تزال آثارهم و لم تُنس سيرتهم، عساكم تتعلمون درساً إن كنتم صادقين و السلام عليكم