هذه المجازر التي تدور رُحاها في
بلادكم أينما توجهتم، أنتم تؤيدونها، فإذا كنتم تؤيدونها فأنها ستستمر و
تزداد اتساعاً و وحشية، بدعمكم و تأييدكم و رضاكم، و سيأتي يوم قريب تصل فيه
دياركم، هذا إذا لم تكن قد وصلتها جاهزاً، ذلك لأنكم تصدقون ما يقول لكم رجال
أديانكم و طوائفكم، أن هذه معركة إلاهكم، لينصركم على أعدائكم، حين يُنزل الملائكة
عليكم، لينزلوا سفكاً دماءهم، إنتقاماً لكم، فيا حسرة عليكم، هذي أماني الوثنية،
الذين خصصوا إلاهاً لهم، ليحبهم و يكره أعداءهم، و ما أنزل ربكم كتباً و حكمة إلا
رحمةً بالعالمين و بكم، و لتحرقوا آلهة الوثنية قبل أن حرقتكم، بل نسبتم كتبكم و حكمتكم لآلهتكم، و
على الوثنية بقيتم، فرحين بوعود رجال أديانكم و طوائفكم، كبر عليكم أن يخاطبكم قلم، ليس من
قبائلكم، و لا بأزيائكم، و لا من متاجركم، ليعرف الذين ذرة من الإيمان في قلوبهم،
يا أهل الأديان و الطوائف،
إشهدوا بأعينكم، حروب آلهة الوثنية و
وكلائها على الأرض، حرس جهنم، ألذين يريدونكم ساكنين في الجهل، فغير هكذا لا
يستطيعون حكمكم، ألنفاثات في العُقد، شربتم من سمومهم
ملء بطونكم، فتباغضتم و تقاتلتم، قرناً بعد قرن، و لا تريدون من عذابكم خلاصاً، بل
تريدون مزيداً، تشترون به رضىً من آلهتكم و من وكلائهم، الذين يعدون ثم لا يوفون
وعودهم، بل مزيداً من السموم، تجرعونها طوعاً و رغبة، و تزدادون عذاباً،
تنادونهم فلا تسمع الجدران، و تزدادون عذاباً، فاعتصموا بحبل ربكم، رب العالمين، و ادعوه
و انظروا، يستجب لداع دعاه، وعد ربكم حق، و وعود الوثنية خوف على خوف، و فقر على
فقر، و ظلم على ظلم، و ذل على ذل، و عجز على عجز، و جهل على جهل، ألذين يقولون لكم أن الإيمان أن
تسلّموا بمقولاتهم، قولوا بل الإيمان بربكم، رب السماوات و الأرض، وضياء رؤوسكم، رحمة
منه وسعت الخلق جميعاً
Top of Form
يا أهل الأديان و الطوائف،
تقولون أنكم تخافون ربكم الذي خلقكم، و
تقولون أنكم تطيعونه، بما أمركم أو لم يأمركم، ثم إذا حلت بكم مصائبكم تقولون أنها
من أعدائكم، الذين استقووا بالشيطان عليكم، ثم يقول لكم رجال دينكم أن تصبروا على
الظلم و أن تطيعوهم، أين ذهبت عقولكم؟ لا يريد هؤلاء بكم
إلا عذاباً، هذا وعدهم منذ أن هبطتم إلى الأرض، لا يظلم ربكم أحداً، ظننتم به سوء
الظن، و هو الذي خلقكم لتعبدوه، و هذا يا أهل الأديان و الطوائف متاع
المؤمنين، و قوة لهم و بهجة، تذلل الصعاب و تسعدهم، حرمتموه على أنفسكم، و اتخذتم
الشعائر بدلاً، و رضيتم بالجهل مسكناً، و قال لكم رجال دينكم: إبقوا معنا فينصرنا
الله و يخلّصنا، و إذا شاء عذّبنا، و استمعتم لهم، فلا تلوموا إلا أنفسكم، إرموا حرس جهنم في جهنم يا أهل الأديان
و الطوائف، قول قلناه لكم، إستمسكتم بكبريائكم، و بخوفكم من رجال دينكم، البعيدين
عنكم و الذين لا يعرفونكم و لا يرونكم، و ربكم أقرب إليكم من أنفسكم
يا أهل الأديان و الطوائف،
يقول لكم رجال أديانكم و طوائفكم:
إنتظروا الأعور الدجال، الذي سيعيث في الأرض فساداً، و هذا من أعدائكم، لأن آلهتكم
تحبكم، و قد إصطفتكم و فضلتكم بعلم الغيب، و ما أكثر العور الدجالين، لقبتموهم
قادة عظماء، و أئمة متنورين و علماء و معلّمين وقديسين، و تبرّكتم بلمساتهم و
استشرتموهم بأمور دينكم و دنياكم، و علّقتم صورهم على الجدران في منازلكم، و
استحفظتم أقوالهم، و عاثوا في الأرض فساداً، و ازدادت
مصائبكم، و إذا كان بصيص من نور في عقولكم أخذوه منكم، السراقون الكذابون العابدون أنفسهم،
اللابسون الأزياء و الألقاب، يستمدون سلطانهم من جهلكم و عوزكم، فيزيدونكم جهلاً و
عوزاً ليزدادوا سلطاناً، ألعور الدجالون في كل أديانكم و
طوائفكم، بلا حصر و لا استثناء، أم حسبتم أن الحق يُرى بالعين الطبيعية، عين العور
الدجالين؟ لو أن ذرة من الإيمان في عقولكم
لتعرفتم على العور الدجالين أينما كانوا، لكنكم اكتفيتم بالعين الطبيعية التي لا
تعرف إلا مظاهر الطبيعة، هكذا يأتون و لا تعرفونهم، يلهونكم بالوعود و الأماني، و
بالخلاص و النصر على الأعداء، ثم يقولون إحذروا الأعور الدجال، فلا ترونهم،
تنتظرون سراباً وهم بين أيديكم و خلفكم، و عن يمينكم و عن شمالكم
Top of Form
يا أهل الأديان و الطوائف،
قد أتى على الإنسان حين من الدهر، إذا
قال المؤمن للجبال أن تتزحزح تزحزحت، و إذا قال للغيم أمطري أمطرت، و إن لله
رجالاً إذا أرادوا أراد، و أنتم تشترون من إلاهكم رضىً
بالشعائر، فيقبض و لا يوفي و يُخسر تجارتكم، و يزيدكم ذلاً له و عَوَزاً، ثم يقول
لكم رجال دينكم أن عليكم أن تصبروا لأنه يختبر إيمانكم، فتزدادون ذلاً له و عوزاً، أرموا هكذا إلاهاً لا ينفع شيئاً، و
ربكم يعلمكم و قبل أن برأكم، و إذا قدّم لكم صعاباً فلتتحروا أسباب الأشياء و
تتعلّموا منها دروساً، و لتطهروا نفوسكم من ظن السوء و الذل لعشوائية الطبيعة، و
لترأفوا ببعضكم و تتآلفوا بالرحمة، و لتتعلموا الصبر و الصبر قوة المؤمنين، ربكم يريدكم أن تزدادوا علماً و ما
خلقكم إلا لتعبدوه و آلهة الوثنية لا تزدهر تجارتها إلا من جهلكم، ربكم يريد لكم
خلقاً كريماً عزيزاً وفيراً منه و آلهة الوثنية تمجّد نفسها بذلّكم و ترتوي
بدمائكم و تستشفي بعذابكم
Top of Form
يا أهل الأديان و الطوائف،
ألتديّن الذي تدّعونه لا يصح إلا بوجود
الكفر و الفساد، و كل شيء طبيعي له ضد منه، فمثلاً أنتم جميعاً تتصدقّون على
الفقراء، و تجعلون من صدقاتكم معرضاً، و قد قيل لكم لا تبطلوا صدقاتكم بالمن و
الأذى، فليس آلم على الفقير من الذل للأغنياء،
و وضع يده تحت أيديهم، و لم تُسمَّ الصدقات زكاةً عبثاً، بل
لأن المقصود منها الطهارة، فما دام في العالم جياع و عراة و نائمون في الفلاة
رغماَ عن أنفسهم: فلم تزّكوا و لم تتطهروا و لا يدخل الجمل سُمّ الخياط، فلا تمنوا على الناس و على ربكم صدقات،
تتصدقونها لكي تُرَوا، و لتشتروا بها رضوان آلهة الوثنية، التي لا تصحّ شرائعها
إلا في غياب الحق والفضيلة، أإثنان بالمئة أو ثلاثة؟ على السيولة
من أموالكم أو على ما خمرتم و استثمرتم؟ هذي قوانين جباة الضرائب، الذين يكتبون
شرائعهم بأيدهم، فتملؤها الطبيعةُ منافذاً للمنافقين، الذين يقولون: أنظر يا ألله،
لقد تصدقنا كما أمرتنا، أوفِ بوعدك و أكثر نِعَمَنا، لا يعرف هؤلاء إلا آلهة الوثنية، التي
عاثت في الأنفس فساداً، فازداد الفقراء فقراً و عدداً، و ازداد الأثرياء ثراءً،
بأسم الأديان و الكتب و الحكمة، و حكم الطاغوت حكامكم و أديانكم و شرائعكم و
قوانينكم، و بث العداوة و الكبرياء والحسد بينكم، و حسبتم أنكم متدينون صالحون
مهتدون
يا أهل الأديان و الطوائف
ألأمثلة عديدة و التقوى واحد منها،
فلماذا تريدون تقوى من الله، و هل لكم رب غيره؟ ألم يأت في الكتاب لا تقولوا
راعِنا و قولوا أنظرنا؟ ألتقوى ... في ربكم، من ... من كل
شيءٍ، فماذا تريدون غير وجهه الكريم، نور عقولكم رحمة نفوسم كلمة أفئدتكم إيمانكم
و فكركم، فأما الآلهة التي تتقون عذابها
بالشعائر و بالسلوك و المأكل و المشرب ... فهذه ذات نزوات و لا يؤتمن جانبها، تغضب
و ترضى على ذوقها، و لو وطئت قدم واحدكم جنتها لما أمن مكرها، لم تكن الصلوات التي أُعطيتم حركات
جسمية، و استحفاظ آيات كريمة، ترددونها ساهين عنها، فتمنعون غيث الرحمة التي
تُنزلها على عقولكم و قلوبكم، عقولُكم و قلوبُكم اللاهية بالأهواء والأماني،
تذهبون للصلاة و معكم لائحة تسوّق، و خوفاً من إلاه يعذب خلقه الضعفاء كما خلقهم، لا عجب أنكم ترون أنّ العدالة أن
تفرضوا شرائعكم و أحكامكم على الناس بحد السيف رغماً، و الذين لم يقيموا شعائراً جعلوا
التقيّة غلافاً للكتب و الحكمة، قيل لهم لا تعطوها للذين لا يفهمونها كما قيل من
قبلُ، فحرّموها على أنفسهم و على الناس، فباتت التقية في اعتقادهم أيضاً بُعداً عن
ربهم، خوفاً من عقاب و بانتظار خلاص ضمنه لهم رجال دينهم
يا أهل الأديان و الطوائف
تودّون ملهوفين لو تهبط براهين من
السماء عليكم، أو أن تظهر في الأرض خوارق، تبرهن معتقداتكم، و تدحض معتقدات
جيرانكم و أعدائكم، ذلك لأن الحق غائب عن عقولكم، فالحق موجود و لا يغيب، إلا إذا
غلفتموه بمعتقداتكم و اقتناعاتكم، و ظننتموه مشروطاً بالطبيعة، يغيب عن أنظاركم،
فترون الكون رهينة إلاه متعسف، تتوسلونه ليكون طرَفاً في خلافاتكم، فينصركم و يخذل
كل من كرهتم،
لو أنكم عرفتموه لتوفّرت لكم كل
البراهين في أمور دنياكم و دينكم، و سرتم على طريق مستقيم، و هديتم إليها
الطالبين، و إذا عجزتم عن معرفته تقوقعتم في
الطبيعة، شئتم أم أبيتم، و مهما كانت أسماؤكم التي أسميتم أنفسكم، و مهما كانت
شرائعكم و شعائركم، و إذا تحدّثتم كشفتم ما تُسرّون من حيث لا تشعرون، فيازداد
تابعوكم ضلالاً، و تزدادون غرورا، ليس الحق شيئاً تخصصون به دينكم و
طائفتكم، و كأن لكم سلطاناً أن تعطوه للناس أو تحرموهم منه، ألحق خلق الناس جميعاً
و كلَّ شيء و لا يطلب إذناً منكم
يا أهل الأديان و الطوائف
إنكم واقعون في حُفر تعريفاتكم للكلم
التي في قواميسكم، وهذه وضعها المفسرون و الشارحون في زمان ومكان ماضيين، فلا تصح
في الحاضر في أراضيكم، و الكلم يتخطى الزمان و المكان في
معانيه العقلية، هذه التي يطرحها الحقُّ صوَراً و أحداثاً في الأمكان و على خط
الزمان، فهكذا قد حرّفتم الكلم عن مواضعه في
العقل و أخذتموه بحرفيته، غابت عن أذهانكم حقائقه، و رحتم تبحثون في الأرض عن
براهين على صحته، فأزدتم ريباً، فالحق تعالى أن تبرهنه الطبيعة و تاريخ شعوبكم، وهكذا لم تقرؤوا فيه إلا اختلافاً،
تهزؤون من كتب بعضكم، يا حسرةً عليكم، لو تعلمون مما تهزؤون، أليس الإيمان بالكتب من أركان الإيمان؟
فبأي كتب عليكم أن تؤمنوا؟ فإذا كان الإيمان أن تؤمنوا بكتب غائبة: تعادل الإيمان
و غيابه، ألا تتفكرون؟
يا أهل الأديان و الطوائف،
تشهدون بأعينكم، الذين يحسبون أن ربهم
خلقهم ليأكلوا مأكلاً، و يلبسوا ملبساً، و يسكنوا مسكناً، و ينهجوا منهجاً ... و الذين يقولون "نحن لسنا
متطرفين" منكم هم الذين مهدوا الطريق للمتطرفين: لأن منطلقات الفريقين
الإعتقادية و الفكرية واحدة، و المتطرفون وصلوا بهذه المنطلقات إلى
التطرف في ظروف متطرفة، لذلك فالإعتدال في الضلال ضلالٌ على كل
حال، و إذا هيّأت الظروف الإقتصادية و
السياسية مناخ بحبوحة و استقرار لمُهلة تحت ظل المعتقدات المعتدلة في الفساد، لا
يعني هذا أن الإعتدال في الفساد صلاح، فكم من أمة حكمت العالم في الماضي، و
كم من أمة سائدة اليوم: بمعتقداتها الفاسدة، و يبقى الناس متخاصمين على معتقداتهم و
تقاليدهم و مناهجهم ... والقدر يغير الأحوال غير عابئ بهم، فتظهر أخطاؤهم و لا
يرونها إلا في خصومهم و أعدائهم، و تتبادلون الأدوار بين ظالم و مظلوم
Top of Form
يا أهل
الأديان و الطوائف
إن سلوك الإنسان الجسمي يرقى به إلى الإنسان الذي يسع
رأسه السماء، أو ينحدر به إلى القردة و الخنازير، و هذه هي الميتة و لحم الخنزير
التي حرم الكتاب،
و تتبارون بين بعضكم في الكلام عن أخطاء بعضكم، لكن كل
فريق لا يرون أخطاءهم، لأنهم يرون شرائعهم و تقاليدهم قائمة على أسس أخلاقية و
روحية حسب فهمهم لكتبهم،
لكن، في الشرق و الغرب في كل الأديان و طوائفها: الناس
لاهون بلذة التكاثر، بل جعلها بعضهم أملهم في
الدنيا و الآخرة،
حتى باتت الأسرة مفككة، و الأطفال يربون في بيوت
أقاربهم أو مع غرباء لا يحبونهم، و الآباء و الأمهات ساعين في سبل الشهوات، يحللها
لهم رجال دينهم و مُشرّعو قوانينهم، و تقبل المجتمعاتُ الشرقية و الغربية هذه
الفوضى بإسم الدين و التطور،
و ألذي يسبح في الوحل سوف يتوحل، و يتغلغل الوحل في
عينيه و أذنيه وفمه و جلده: كيفما كان أسلوب سباحته و القواعد التي يسبح بها،
فلا تنحدروا في البهيم و تقولوا الله حلله، الذي حلله
رجال دينكم، و الكتب بريئة منهم،
ألذي يختار هذه الملذات هدفاً لحياته و آخرته ينحدر
بها إلى البهيم، ليحصل على المزيد، و يتغلّف عقله بالتراب، أهذا مكافأة أم عقاب؟
و الذي يسعى لإعلاء مداركه يتعرف على المتع الحقيقية،
و يرتقي إلى الإنسان، كُلاً حسب إطاقته،
لا يمكن نص قانون يكبح جماح الشهوات، فإن العور
الدجالين سوف يجدون فيها منافذاً ليتجاوزها و يدّعون العفة و الطهارة،
فهذا جهد كل مجاهد في معرفة نفسه، ليفهم غرائزها
الطبيعية، من غير إرغامها على ما لا إطاقة لها به، و من غير مُظاهرة، فهذا سر
النفس بينها و بين ربها، و لا يعلمه إلا هو
يا أهل
الأديان و الطوائف
ما أحلى كلام المزوّرين و السراقين، على الآذان التي
تعوّدت سماع كلامهم، ولكن لا تنبهروا بالتعابير و الكلمات التي لا طائل تحتها، هم
يريدون أن تصغوا لهم، لكي تشربوا من أباريقهم، فتقبلوا الشيطان و إبليس أسياداً
عليكم، يلعنونهم ثم يقدمونهم خلسة، و أنتم غافلين، بحجة أن لا خلاص لكم و لقبائلكم
و أديانكم و طوائفكم إلا بهم، لكنّ خلاصكم في صحوِكم، فتفكروا إن كنتم على التفكر
قادرين،
كم يتمنّى هؤلاء أن تبقى الساحة خالية لهم، فلا حسيب و لا
رقيب على أعمالهم و أقوالهم، و قد أُمهلوا طويلاً، لكن زورهم بات فادحاً، و ترون
بأعينكم أين أوصلوا الأديان و الطوائف، في الأخاديد العميقة، حيث كثيرون منكم
يصدّقون أن هكذا العالم، ناسين إنسانيتكم
يا أهل
الأديان و الطوائف
ألخوارق و المعجزات لا تبرهن شيئاً، و لو أنها برهان لآمن
كل من في الأرض، بل إنه من مهزلات الزمان أن كل فريق منكم يسلّمون بمعجزات حسب وصف
رجال دينهم، و لا يقبلون المعجزات التي يقبلها غيرهم من الأديان و الطوائف، و
بعضكم يقبلها كبرهان على غير ما يقبلونها ...
في هذه الفوضى الفكرية برهان واحد: على غياب عقلانيتكم، و
العالم واحد أمامكم، لا يختلف من أمة لأمة إلا بالقوانين الطبيعية الواحدة
التي تسيّره، و العلم التجريبي جاء بمعجزات واقعية، غير عابئ بخرافاتكم، و عندما
تذهبون إلى الطبيب لا يستشير القديسين و الأئمة، و لا يخاف الجن والعفاريت،
و كل هذا يجري بالحق الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة، لكن
هذا قول ثقيل عليكم، فآنما نذكر كلمته العظيمة القائمة تردون إلى المعجزات والسحر
و الحكم المتعسف، خطوة صغيرة لا يخطوها إلا قليلون، و الذين لا يخطونها لا يعلمون
أنهم لا يخطونها، و هذا قد يأخذ أعماراً على أعمار، و أدواراً على أدوار، و هم
بانتظار المعجزات التي ينتظرون
يا أهل
الأديان و الطوائف
تتمسكون بمعتقداتكم عبثاً، آملين أن يرضى إلاهكم عليكم،
لكن هذا لا يزيد الأزمات إلا تأزّماً، و ترون بأم أعينكم عواقب أفكاركم و أعمالكم
سراعاً، و لكنكم لا تريدون منها مخرجاً، فقد ملأتم أنفسكم حقداً و كبرياءً، أعمت
أبصاركم، و أضاقت صدوركم، هذي جهنم التي أُنذرتم، لكنكم تريدون مزيداً، ناراً
تشويكم، خالدين فيها أبداً، وعْدَ رجال أديانكم و طوائفكم، ما دام آلهتكم حكامكم،
تجعلون أصابعكم في آذانكم كلما ناداكم الحق، طوعاً لهم
يا أهل
الأديان و الطوائف
كل الأفكار و الأفعال التي قال لكم رجال دينكم أنها
تنفعكم: تضركم، حتى عندما يقولون لا تكذب لاتسرق ... هم يتحدثون عن أوامر إلاه
صنّف بعض الأفعال المعروفة في زمان ما شراً، ليس لأنها تضر فاعلها و الذين
ينالونها فتسلب منه إنسانيته، بل لأنها أوامر ذلك الإلاه،
هكذا هذه الأفعال لا تزالون ترونها نافعة و تمارسونها
كلما أردتم كسباً سريعاً أو نصراً على أعداء ... ثم تقيمون الشعائر التي يقول لكم رجال أديانكم و طوائفكم أن إلاهكم يكفّر بها
خطاياكم،
و يبقى العالم غارقاً في الظلم و النفاق و غياب الثقة
بين الناس، بإشراف شرائع الوثنية التي لا تفهم أي معنىً، و لا تعرف فضيلة، و لا
ترى روحاً،
و ترى الناس يزدهرون بزراعة المخدرات و التجارة بها،
و الرشوة بين آخذٍ لها و مُعطىٍ، و التجارة بالأسلحة، و استثمار أموالهم في
الشركات التي تستعبد الضعفاء و تزيدهم فقراً، و بربو أموالهم أضعافاً مضاعفةً
بالمنافسة و الإحتكار على حساب حاجات الناس من طعام و طاقة ...
و هذا كله باركته الآلهة التي تكافئ الطائعين لها
بالثراء و المقدرة على ظلم الناس، ثم إيتاء الزكاة والصدقات لهم ...
ألعالم اليوم غارق في الظلم و الطمع و الفقر ببركة
آلهتكم، غابة الوحوش أكثر عدلاً و رحمةً منكم، و كل فريق منكم يريدون أن يُرغموا
الناس على الخضوع لشرائع ألهتهم، ظناً أن العالم يصطلح بتغيير لائحة المُحلّلات و
المُحرّمات ... يا حسرة عليكم
يا أهل
الأديان و الطوائف
تظنون أنكم أذكياء، و أنكم أكثر علماً و معارفاً من
أعدائكم و خصومكم و جيرانكم، لكن لا فرق بينكم، لا بالعلم و بالأخلاق، تعيشون في
وهم الفوقية على بعضكم، و أفعالكم و أخلاقكم واحدة،
و تقولون أن معتقداتكم صحيحة ليس لأن لديكم براهيناً
عقلية عليها، بل لأن هذا ما تقتضيه العصبية الدينية و الطائفية و القومية، التي لو
أنكم مؤمنون و قادرون على التفكر لتبرّءتم منها، فوجودها في نفوسكم دليل على غياب الحق
عن أبصاركم، و قد قيل لكم لا تُدينوا لكي لا تُدانوا، و قيل لكم أن ربكم لا يُشرك
في حكمه أحدا
يا أهل
الأديان و الطوائف
ختاماً، إنّ المعتقد شيء أنتم تركّبونه مما تؤتون من علم،
و عندما يشير أليكم رسلكم أن تسيروا في طرق ما فلكي ترتقوا بعلمكم و أخلاقكم، ربكم
غني عنكم، و إذ خلقكم لتعبدوه فلأنه تكريم لكم،
و كم ذهبت أمم قبلكم مذاهباً، غرهم غرور الدنيا و رؤوا في
السماء أرضاً مثلها، لم يجلبوا على أنفسهم إلا الويل و العذاب، يحزنون أياماً و
يوماً يضحكون،
عمّ يتمخّض هذا العالم، لا يعلمه إلا ربكم، بيده الملك، يديره كيفما يشاء، ليس اعتباطاً و ارتجالاً في
فهمكم، بل بالحق خالق شيء، و معتقداتكم أنتم تصنعونها و بها تحيون و تموتون،
فهل سيفرق البحر كما فرقه من قبل، و ينفذ الإنس والجن
من سلطان السماوات و الأرض بغرورهم، فهذا رهينة ما تقتني عقولكم و قلوبكم و لا
تلومنّ إلا أنفسكم، و احمدوا ربكم إذ جعل لكم سمعاً و أبصارا
Bottom of Form
يا أهل
الأديان و الطوائف
إليكم هذه البحبوحة (bonus)، و بعض منكم يستمعون،
ألتورات المقدسة التي دعت إلى التوحيد: صنعتم منها دين
شعب الله المختار، و أبحتم لأنفسكم ظلم الضعفاء و سفك دمائهم،
و الإنجيل المنير الذي علّم أرقى أخلاقية إنسانية: صنعتم
منه خرافات و شعائر، تقيمونها ليغفر الله لكم عصيانكم لكل ما علّمكم،
و القرآن العظيم الذى سبّحت في آياته السماوات و الأرض
وصولاً إلى عين اليقين: صنعتم منه شريعة القتل
و الأكل و الشعائر و النكاح،
و الحكمة الشريفة التي أضاءت ما غفلتم عنه بظهور
حكمها: أغلقتموها لتبقوا و يبقى الناس على الجاهلية،
فإذا غرق العالم في العذاب و تسابق إلى هلاك نفسه لا
تلوموا إلا أنفسكم،
هذه الصفحة لا تأخذ جانب فريق على آخر، و لا هي مدرسة
فكرية فشلت قديماً و تحاول اليوم ثأراً و نصراً،
و يبدو لنا أنكم جميعاً تغتاظون إذا بينّا لكم أن
الكتب التي سبقت كتابكم أو تلته هي أيضاً كتب مُنزلَة، فلا نُفرّق بين الكتب و
الرسل،
لكنكم تفضّلون أن تبقوا على البغضاء و العداوة،
نائمين على وسائد وعود رجال أديانكم و طوائفكم، و هذا اختياركم، فانتظروا و إني
معكم من المنتظرين
Top of Form
يا أهل
الأديان و الطوائف
حللوا و حرّموا، و افتوا و تفاتوا، و اسمحوا و امنعوا، و
رغّبوا و خوّفوا،
آملين أن ترضى آلهتكم عنكم و توفي ما وعدكم رجال أديانكم
و طوائفكم،
تنتظرون طغات العالم و جلّاديه أن يرأفوا بكم، و ملائكة
تهبط من السماء أو تطلع من الأرض بعد اختباءٍ،
تقولون يا ربنا لقد سرنا على ما أمرنا رجال أدياننا و
طوائفنا، و أقمنا الشعائر التي فرضت علينا، و قاتلنا القتال الذي أمرتنا، أوفِ
بوعدك و انصرنا،
و يقول لكم رجال أديانكم و طوائفكم، هذا اختبار ربكم
لإيمانكم، اصبروا و الفرج قريب،
و لكن لا تزداد أزماتكم إلا تأزّماً،
فما أنتم سائرون على ما وجدتم عليه آباءكم و أجدادكم لا
يغير الله ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم
يا أهل
الأديان و الطوائف
تفكّروا بما نقول لكم، و لا تستعجلوا حكمكم، و لقد عرضنا
عليكم ما سلب الطاغوت منكم، و لن يرجعه إليكم، فلا قوة لكم عليه إلا بإيمانكم
بعقولكم، التي أنعم عليكم ربكم و أكرم، ليخلصكم من السجانَين، يقول لكم خدمهما:
إقرؤوا ما جاء في الكتب، كتب خدمهم و أسيادهم، التي كتبوا بأيديهم، يقولون لكم: لم
يأت هذا في كتبنا، يقولون: كتبنا فيها كل العلم و لا علم بعدها، ثم إذا
استفسرتموهم عن أمر ليس في كتبهم يغضبون عليكم، لتبقوا طائعين لهم، و الكون يجري
بلا إذن منهم، و كل ثانية تدور بها الأفلاك و الأرض بكل جديد، و لا هم يدرون،
أنظروا في تاريخ الإنسان، سجنوا و عذّبوا و قتلوا كلّ من تجاوزهم بالمعارف و
العلم، ما هم إلا أجسام على الأرض تخافونهم، لا مُمَثّل للسماء على الأرض إلا في
رؤوسكم
All rights reserved Copyright The Circle of Beauty