لقد أخطأتم أخطاءً فلسفيةً كبيرة أخطأها أهل الكتاب
من قبلكم، و ما أنزل سبب الأسباب و معراج الموحدين إلا ردّاً عليها و تصحيحاً
لقراآتهم، أخذتم عرضها الأدنى و ما أُنزلت ليكون لها عرض أدنى فهذا أنتم صانعوه،
و لقد فتحت الفلسفة اليونانية لكم و لو قرأتم تاسوعات
ذي النون لتعلمتم أن تصطفوا الجواهر من الثفالة و الجد من الهزالة، إستكبرتم و
فضلتم شروح الشارحين المعظمين أعراقكم الذامين أهل الكتاب المستترين بالسرية
الغافلين عن الحق و ربهم يعلم نواياهم،
و بقي ذرة من الظن لديه أنْ عسى لديكم سبب من السماء
تستمسكون به حتى جاء خبر يقيناً من حيث لا تجسرون و لا تقربون و لا تعلمون، أن ليس
وراء ستائركم إلا فراغاً، و إنا فتحنا الكتب و الحكمة لمن استطاع إليه سبيلاً، و
دعوة ربكم لتوحيده مفتوحة و لا تغلق يوماً واحداً ما دامت الأرض و السماء،
و لسنا لننكر سلوكيتكم الراقية و أخلاقكم الكريمة و
صدق لسانكم، فأنتم لا تشترون من ربكم رضى بالشعائر و لا تسجدون و تركعون للحجارة و
تؤمنون بالبعث، حتى باتت أنسابكم خالصةً من الدنس و تجلى جمال الصورة و وضح، و هذا
ما يحسدكم عليه بعض من أهل الكتاب الذين تقبحت أخلاقهم في ذلهم لأجسامهم و حبهم
للقبور،
ألم يأت في القرآن يرونهم مثليهم رأى العين؟ ألم يأت
في المصحف فكان آدم الأدنى آدمَ الطين آدمَ الحمأة المسنونة فكان أنت و هم و هؤلاء
إن لم يؤمنوا؟
و اليوم اختلط البحران بعد أن فرقهما ربكم بقوم موسى،
و إن برمنيدس أول من لحظ علامات الترابية على الذين كفروا من العبريين بعد أن
جاءهم الكتاب، الذين هاجروا إلى اليونان و أحل لهم رجال دينهم أن يبيعوا أنفسهم
عبيداً و هم يقيمون شعائر الإغتسال و الذبح و السبوت،
بلى إن الإنسان كثير الظن و لولا رحمة سبقت لما ترك
عليها من دابة، و الذين يستكبرون على الهدى جزاؤهم أن كبرياءهم جدار في نفوسهم و
ليس ربكم ظلاماً للعباد،
و أما الذين وحدوا هؤلاء يغفر لهم أخطاؤهم إذا هد
الجدار بأيديهم ليفتح بها أبواب السماء و ينظره بأنظارهم، هؤلاء نشرهم ربهم في
الأرض و أنتم الأولى أن تتصدروهم، إذ ينادي هم المستجيبون، و السلام عليكم