أين توجد الكلمات

يا سيدتي، كما ذكرتُ، إنّ جبريل عليه الصِلات والسلام هو الرسول الذي أنزل كل الرسالات من ربّه، والتي كلها تدعو الناس للأيمان والتوحيد، وهذه الرسالات سُمّيت بأسماء مختلفة في لغات مختلفة في أماكن وأزمنة
مختلفة،
 لذلك فإن القول أن الدرزية مذهب أو غير ذلك لا يعني شيئاً ولا يغير شيئاً، بقدر ما لا يعني و لا يغير القولُ أنّ الأسلام أو المسيحيّة أو اليهودية أو الهندوسية أو البوذية مذهبٌ أو غير ذلك شيئاً، 
 ولقد كان على أهل الكتاب أن يؤمنوا بالرسالة كل مرة، لأن كل رسالة نزلت لتصحّح الأخطاء الفلسفية الكبيرة التي ارتكبها المفسّرون و المؤسسات الدينية التي سبقتها، 
 فها هي المسيحية تدحض ممارسات ومعتقدات الفريسيين، وها هو الأسلام يصحح قصص الأنبياء و ينفي التشبيه و الولادة والزوج والولد عن المولى جلّ وعلا، وها هي الحكمة تدعو لمعرفة الحدود وتوحيد المولى جل وعلا، وتنزيهه عن الوصف و الزوج والولد،
 فأمّا إذا سألتِ يا سيدتي ما التوحيد؟ فإن جميع هذه الديانات أو المذاهب توحيدية في دعوتها، فإنّي أقول أنّ التوحيد مرتبة روحية إدراكية وجدانية، وليست إنتماءً لمذهب ودين أو لآخر، 
فإنّه، ومنذ الف سنة تقريباً، بالتقويم القمري:
 ظهر المولى للناس جميعاً وعلى كل الأرض، ولأهل الكتب منهم والملحدين، وكما أَنذرَ القرآنُ العظيم "وجاء ربُّك والملك صفاً صفاً"،
من غير واسطة جسمية أو شيئية، فلذلك قالت الحكمة الشريفة "يُدرِك الأبصار ولا تدركه الأبصار"، 
 فهو بذلك، جل وعلا، أظهر لاهوته لخلقه، فالذين كانوا مُتطهرين من الأشراك به ومن الأوهام والظنون، نظروه به ومنه ولديه وقال أشهد أن لا إلاه أنت، وكانت شهادتهم حقيقة ولم تكن قولاً، وكما جاء في القرآن يشهد الله أنّ لا إلاه إلا هو، سبحانه وتعالى علوّاً كبيراً، فكانوا موحّدين، ثلّةً من الأوّلين و قليلاً من الآخرين،
والذين لم يشاهدوه، "إرتدّ البصر خاسئاً وهو حسيرٌ" و بقوا على عباداتهم عاكفين،
 ولم تكن هذه أول مرة، ففي زمن سابق، تجلّى المولى، جل و علا، إلى الجبل، في القدس المقدّسة، وشهد القرآن إذ قال والتين والزيتون و طور سينين، يعني جبل النور، وأما التين والزيتون فانحنت إلى الأرض رهبةَ جلال وجمال ربِّها، بينما فرّ كثير من الناس أو لم يروا بتةً،
 وإن المولى جل جلاله سوف يظهر لخلقه في انتهاء هذا الدور الزماني، ليستخلص عباده الموحدين، وكما جاء في القرآن، يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعِنا وقولوا أنظرنا، 
 فأما الحدود، فقد جاء ذكرهم في القرآن، الأسماء الذين في سورة الحشر، ونوهت عنهم الحكمة اليونانية والهندية، وهم الناسوت الذين ينطقون بكلمة ربهم، وهم تحقيق إرادته جل وعلا، وهم بشر، يولدون، ويأكلون الطعام ويمشون في الأسواق، ويموتون ويُبعثون، يعني يتقمصون،

قبل محاولة تقريب الأذهان إلى الحدود، أرى أنه علينا أن نتعرّف على مرتبات الوعي لبشري، وإني أجد في كتاب الهنود الغيتا، أنشودة العقل، خير دليل إلى ذلك،
هناك أربع مرتبات: ألتسليم، ألأقتناع، ألأيمان، ألتوحيد،
 فأما التسليم، فهو بعتبيرقرآني "هذا ما وجدنا عليه آباءنا وأجدادنا"، ففي هذا الأطار يقبل الأنسان مقولات أهله ومجتمعه من غير إخضاعها للتحليل الفكري، و يُسلِّم لها تسليماً،
 وأما الأقتناع، فهو تلك الحركة الذهنية التي تبدأ بمعطيات ما، وتسير بها على المسالك المجرّدة المنطقية العقلية، لتصل إلى نتيجة بيّنة واضحة، يتخذها الأنسان إقتناعاً، فتصبح جزءً من وعيه،
 وأما الأيمان، فقد خلطه المفسّرون بالتسليم، وهذا أدنى مرتبةً، وقد نبّه لذلك القرآن، إذ قال إنكم مسلمون ولستم مؤمنين،
 وإن الأيمان هو بالعقل الأنساني، القادر على الوصول الى الحقيقة، بالحركة الذهنية والحدس و التبصر والتهجُد، وبكل ما أوتي من طاقات، وهذا الأيمان يوصل صاحبه إلى خالقه، علّة العلل، وسبب الأسباب،
 وإنّه العقل الأنساني الذي يقرأ، لذلك إبتدأ القرآن ب إقرأ، وإن القراءة والفهم يرتقيان بصاحبهما إلى مراتب روحية إدراكية أخلاقية رفيعة، ليقترب من تنزيه ربّه وتوحيده،
 فأما ما يدعو له اليوم مدّعو الخبرة بالأديان والكتب والحكمة، فكله يقع في إطار التسليم، لأنّهم ينطلقون من مقولات غير قابلة، في رأيهم، للتحرّي المنطقي العقلاني، وهم يزدادون تمسّكاً بمقولاتهم كلّما واجهتهم تحدّيات فكرية أومعيشية أو ظرفية أو سياسية ...
 فلا عجباً، والوضع كذلك، أن العالم اليوم غارق في مأساة الحيرة والمنافسة والحروب والعنف لحل مشكلاته وضمان بقائه، حتى الطبيعة باتت مساهمةً في هذا الجنون، ناسيةً نظامها ورأفتها بالخلق، 
أين توجد الكلمات؟؟
بل إن السؤآل يطرح نفسه عن كل شيء، فأين توجد الأشياء؟
 إن الحكمة الطاويّة الصينية تقول أن الوجود هو وعي الوجد، يعني أن الأشياء موجودة لأننا ندركها بعقولنا، وإذا لم يكن في الكون عقل واعٍ لما استحق الكون نعت الوجود،
 وقد يهزأ الماديون من هذه المقولة، فهم يرون أن الوعي البشري عَرَضٌ من أعراض النشوء والأرتقاء، الحاصلين نتيجة عشوائية الحركة الكونية، التي لا وعي لها ولا غاية، وأن الكون موجود قبل نشوء الوعي الأنساني وأرتقائه،
 الجواب المختصر على ذلك: إذا قبلنا جدلاً نظريةَ ابتداء الكون بالأنفجار الكبير، ثم نشوء الحياة وارتقائها إلى الأنسان نتيجةَ أحداثٍ عشوائية، فإننا لا نستطيع أن ننكر وجود قانون طبيعي و نظام لهذا الكون والحركة الدابّة فيه، اللذين لولاهما لما تطوّر الكون إلى ما هو عليه الآن من مجرّات وأنظمة شمسية وأقمار، و لما نشأت الحياة عليه ولما ارتقت إلى الأنسان العاقل، 
فكل ذلك تم بإدارة هذا القانون والنظام وتوجيههما،
 بل إنّ غرائز عقولنا تبدأ أن تشير إلى أنّ التظاهر الكوني والحياة المتحرّكة عليه ليسا إلاّ تعبيراً ماديّا كثيفاً عن هذا القانون والنظام،
 فتتوجه عقولنا آنئذٍ خطوةً خطوةً، أو دفعةً واحدةً، إلى ذروةٍ عقلية، و وحدة كونية، ولذّة روحية، ومشاهدة وجودية، وكل هذه تصل بنا إلى حقيقة واحدة نورانية، فإلى توحيد المولى برحمته وإذنه جل وعلا،
 وليست الرياضيات إلاّ مجرّدات ذهنية في عقولنا، لا وجود مادّي لها، إلا في مظاهر الطبيعة وحركتها، وهذا يشير إلى ما أشرت له. 
وكم من قائل، نحن نؤمن بالله وبالدين والكتب والحكمة، و لسنا بحاجة لهذه الفلسفة،
فراح الماديون ينشرون عقيدتهم بلا حسيب أو رقيب،
وتغلغلت مقولاتهم في عقول كل الناس من المؤمنين وغيرهم، بقوة براهينها الفكرية والتجريبية المرئية،
ودخل الشك بالكتب والحكمة عقولَ الناس،
فمنهم من كفر بها،
ومنهم من لجأ إلى ملجأ التسليم، خوفاً من جزاء ربّهم،
وفي الحالين، النفس حائرة، ضائعة، خائفة من العتمة التي أوقعت بها نفسها، 
 فيا أسفاً على أناس، قادتهم الروحيون يختبئون في ذكريات الماضي ومقولاته وأمجاده، وأحياناً خرافاته، من مواجهة الحاضر في تحدياته ووقائعه،
يدّعون المعرفة، رغم أنهم عاجزون عن مواجهة هذا التيّار المادّي العنيف، 
 وإني أطلب المعذرة لأطالة هذه المُقدِّمة لمحاولة تقريب الأذهان إلى الحدود، إستجابةً لسؤآل قارئةٍ كريمة لهذه الصفحة الكريمة، وأشكر الأدارة على سماحها لي بالمتابعة،
 وأنا لست من المعتقدين أن الفلسفة هي السبيل الوحيد للأيمان والتوحيد، بل إني أرى، متسلحاً بالحكمة الهندية وبالأنجيل والقرآن والحكمة، أن كل نشاط فكرياً كان أم عملياً، له غاية واحدة فقط، ألا وهي الوصول بفاعله إلى الحقيقة الواحدة الأزلية، إذا تطهّرت النفس من أوهامها و ظنونها، لذلك قال القرآن وما خلقت الأنس والجن إلا ليعبدون، التي فسّرها المفسرون بإقامة الشعائر، وبالألتزام بشرائعهم وحدودهم في العيش وتصريف التصرفات،
وباتت الرحلة الأنسانية الوجودية العقلية رحلة خوف من عذاب إلاه سادي، يخلق الناس ليقاصصهم،
فتقوّلوا عليه الأقاويل، ونعتوه بنعوتهم الخسيسة،
وما خُلق الكون إلا بالحق، قالها القرآن،
 والحق لذة باقية لا تنقص ولا تزول، 
 إذا تقبّلنا فكرة وجود الأشياء في عقولنا، قبل وجودها في الكون، فإنّ هذا لا يعني أنّا نعرف ما وراء الجدار، قبل القاء نظرةٍ،
هذه تقع في إطار الأحداث العرضية،
 وإنّ الأحداث العرضية هي، ككل شيءٍ آخر، شيء عقلي، تدرّبنا عليه تدريجيّاً، قبل الهبوط إلى العالم المادّي الكثيف، ولكن هذا موضوع خارجَ نطاق ما نحن بصدده، فلنمرر به سريعاً،
 فأما وجود الأشياء في عقولنا، فإن خير من نوّه له هو أفلطون عليه السلام، مستعملاً أمثلة في الهندسة المسطّحة للدلالة إليه،
 فإنّي أحذو حذو هذا المعلّم العظيم، وأطلب أن ترسموا على ورقة مثلّثاً متساوي الأضلاع، كالمثلّث المؤلف من رؤوس نجمة 
Mercedes،
 ثم ارسموا عاموداً من الرأس الأعلى إلى القاعدة، بحيث يلتقي القاعدة على زاوية قائمة، يعني كزاوية الغرفة المربّعة،
ثم تأملوا المثلثين الناتجين اللذين يقسمان المثلث الأصلي،
 إنّ الذين يتذكرون الهندسة المسطحة التي تعلموا في المدرسة الأبتدائية والتكميلية سوف يسارعون إلى ملاحظة أن العامود يقسم المثلث إلى مثلّثين متطابقين، وأنه يقسم زاوية الرأس إلى زاويتين متعادلتين، وانه يقطع القاعدة في منتصفها، وإلى ما هناك من نتائج لا ضرورة لذكرها بالتفصيل،
كل هذه الوقائع بديهية المعرفة، فورية الرؤية، للعين الأنسانية، و من غير مجهود عقلي،
ولو أنكم عرضتم صورة هذاالمثلث و عاموده على طفل نبيه، أو على إنسان لم يدرس الهندسة المسطحة  في حياته، السابقة أو الحاضرة، فسوف تلاحظون أنه قادر على هذه الملاحظة، من غير جهد عقلي، وهذا يشير إلى أن هذه الحقائق كامنة في غرائز العقول،
 و يسارع المعتقدون بالنشوء والأرتقاء إلى القول أن دماغ الأنسان إكتسب هذه المقدرة عرضاً في جينيّاته الوراثيّة، وأنه احتفظ بها لأنها تفيد بقاء نوعه في الأنتقاء الطبيعي،
 والرد على ذلك، أن لا بُد إذاً أنّ المفهومات المجرّدة، كالتعادل و التشابه، وحتى المقارنة نفسها التي تستهدف الوصول إلى استنتاج عن التعادل والتشابه، كانت موجودة كحقائق ومعانٍ كونية وعقلية، بالقوة، قبل تمدد الكون وإنتشاره،
 وهذه لا تختلف، من حيث المبدأ، عن المقدرات الميكانيكية، كالمشي والطير، التي نشأت عرضاً، ثم تهذّبت وتطورت، بإدارة وتوجيه قانون ونظام طبيعي، موجود بالقوة، قبل الفعل، لتحقيق الفعل،
 فأما إذا ردّ هؤلاء بالقول أنّ الأشياء هي كما هي، لأنها لا يمكنها أن تكون غير ذلك، فهذا إقرار منهم بوجود حتمي سابق للوجد الفعلي، وهذا يناقض منطلقهم القائم على مادية الوجود،
 وهذا المنطق إستخلصته من تاسوعات أفلوطين، فهو،عليه السلام، دليل الدارس الجاد للفلسفة، القديمة منها والحديثة، والكاشف لأغلاط المتفلسفين الفاضحة، والفاضح أكاذيبهم،
فإن الأقدمين منهم، والمعاصرين سواءً، يصلون إلى فكرة ما  بالتجربة و الأستنتاج المنطقي ويقفون عندها، وكأن الوجود إنتهى عندها، فتغيب عن أذهانهم الحقائق، ويقعون في فخ الظرف الآني الواقع، حيث لا يوجد غير الأشياء المبدوءة الزائلة،
 وإنّ الفكر عنيد وكثير الجدل، ولايقبل برؤى العقل الحدسية و الأشراقية، فهو لا ينفك يسأل ويبذر بذور الشك والأرتياب، ولا بأس بذلك، لأن للعقل متعة ولذة في التأمل في الأشياء، بغاية إخضاعها لميزان المنطق، وتقصي مكوّناتها، ومعرفة أحوالها وابتدائها و انتهائها، وهذا يمكّنه من التعبير عنها، بالكلمة أو بوسائل أخرى، بغاية إيصال المعرفة للناس، للمنفعة العامة كيفما كانت،
 وقد قام تلاميذ فيثاغوراس، عليه الصِلات، بوضع أسس ومنطلقات الهندسة المسطحة منذ آلاف السنين، وقواعد براهينها العقلية، للوصول بالفكر والبرهان المنطقي إلى الحقائق عينها التي تبدو للعقل بديهيةً، وانتصروا على مقولات الماديين الشكاكين، الذين كانوا يصنعون أدواتهم ويقيسون بها، ناسين الحقائق العقلية التي لا يتم أي قياس إلا بأمرها،
 و ما تزال الهندسة المسطحة إلى اليوم خير مثال للتطابق بين المجرّدات العقلية والصوَر الطبيعية، وخير مدرِّب للفكر على البحث المنطقي، 
 فآمل أن يكون هذا ممهِّداً للرسلات اللاحقة، التي سوف اساعدكم فيها للتعرف على العقل، سيد الكون والكائنات، وحدوده الكرام، في عقولكم وقلوبكم، كما تعلمت منهم، عليهم السلام، لكي تَمَّحي المغالطات التي جاء بها مفسِّروالكتب والحكمة، الذين جعلوا منهم كائنات غيبية أسطورية خرافية، وجعلوا لهم أجنحة وأركبوهم أحصنة طائرة، فغاب العقل عنهم وكل الحدود، واكتفوا بما اكتفت به جاهلية الأولين
 إنه ليس من المصادفة أن هذه الرسلات تُكتب على هذه الصفحة الكريمة تحت عنوان التواضع، هذه الفضيلة الكبرى، التي لا يتحلّى إلا العالِمين من الناس بها، ورحِم المولى شاعِراً، غاب اسمه عن ذاكرتي، قال:
ملء السنابل إنحنت بتواضعٍ، والشامخات رؤوسهن فوارغُ
وليس التواضع مُظاهرة في مجالسة البسطاء والفقراء، وشرب القهوة والتحدّث معهم،
فإن كان فاعل هذه الأفعال صادقاً في محبّته، فمحبّتُه من ربّه ولربّه،
وأما إذا كان طالباً شهادة الناس وإعجابهم، فلا يزداد إلا كبرياءً،
 ولا يعلم ما في قلوب الخلق إلا رب الخلق، فليدع الواحد مِنّا الناس في شؤونهم، وليراقب نفسه وليصلحها، وهذا خيرعبادة، وخير تواضع،
 فإن مِن علامات الكبرياء، أبعدها الله عن نفوس المؤمنين، الأكتفاء بالقليل مما أوتينا من العلم، قالها القرآن، وما أوتيتم من العلم إلاّ قليلاً، ثم قال وقل ربّ زدني علماً، 
 فإن القليل من العلم يستحيل جهلاً، إذا ما اتخذه صاحبه جداراً، للأختباء من متحديات الحياة، في العلم والفهم والأخلاق،
 فها هم الذين نكروا المسيح، وأغلقوا أبواب عقولهم لكلمته، سجناءُ أوهامهم، بانتظار رجلٍ لا يموت، لينصر الشعب المختار،
 وها هم الذين نكروه ثانيةً، إذ أتاهم بقرآن حكيم، قالوا أبشر مثلنا؟ سجناءُ لا عقلانيّتهم، بانتظار من يخلصهم من آثامهم إذا وجدهم عليها، و كأنّ لا عقلانيتهم دواء كل داء، 
 وها هم الذين هزؤوا به إذ جاءهم بحكمة شريفةٍ، قالوا من هذا؟ ما أُنبئنا به، سجناءُ الجلاّدين والحرّاقين والواعدين بالرفث والحرث وملذّات الأكّالين والشرّابين، 
وها هم الذين عاهدوا إمامهم عهداً غليظاً، واهتدوا إلى حدود ربّهم،  يتذوّقون مآكل من سبق من كل الخطّائين، فرفعوا الجُدُر، و جعلوا أصابعهم في آذانهم، وقالوا نحن مُكتفون ومخصَّصون و مُخَلّصون، 
ولا يقف الزمان، لا لأهل الكتب والحكمة ولا لغيرهم، فبات كثير منهم سجناءً، 
 هُدّوا الجُدُر، يا أهل الحكمة ويا أهل الكتب، هذه الجدر اتخذتموها في زمن ولّى حمايةً لكم، هي اليوم سجن، لا خلاص لكم من ظلم أنفسكم وأنتم فيها ساكنون،
 ليس حدود ربّكم حواجز، بل هم الدّالون إليه، لتجتازوا الحواجز، وتتسلقوا الجبال، بقدمين حافيتين و يدين عاريتين، لتقفوا على الأعراف قائلين، سبحانك اللهم، لنظرة من عينك تمحو أنا الأنين، فلا أنا إلاّ أنت الحي القيّوم، قد قامت الصِلات بإذنك، فالحمد والنصر لك، كما خلقتنا موحِّدين،
 إنّي لأكاد أسمع أقوال الساخطين، عبر المسافات البعيدة، الذين يرون أن خير ما يفعله الأنسان هو أن يستمسك بمعتقده، في كل الظروف والأحوال،
وهذا عين الحكمة، وغاية الرشاد،
 ثم لا تلبث الظروف والأحوال أن تتغير، وتتغير غير عابئة بما يستحب الناس، وكأنّها تفعل ذلك عمْداً وتحدياً، مُخضعةً أفكار الأنسان للتجربة العملية، والمِحك المنطقي الأخلاقي،
في هذه البيئة العكِرة يزدهر الخائفون الخوّافون،
وليس الخوف إلاّ من المجهول، وليس المجهول إلا من الجهل، وليس الجهل إلا من ظلام النفس،
فالنفس المستنيرة بعقلها لا يسجنها ظلام، وإنّ ظلام العالم كله لا يطفئ شمعة، قال يوحنا عليه السلام،
 فالخائفون الخوّافون هم الناسون سبب خلقهم، واستبدلوه بمعايشهم، ولا يرون إلا مظاهر الطبيعة، التي اشتركوا بها مع البهائم، ولا سبب لوجدهم إلا صراع البقاء، 
 يصنعون من خوفهم آلهةً، تٌقاصص وتُجازي، وتُنعم وتحرم، ويضعون نيابةً عنها القوانين، ويحددون بإسمها حدود الصواب والخطأ، والخير والشر،
 ويجعلونها طَرَفاً في عداواتهم و حروبهم، ويقدمون لها الذبائح والصلوات والصدقات، لأبتياع رضاها ودعمها وسحقها أعدائها،
 فإن الظروف الصعبة، والمِحن والبلوى، بمُناقَضتِها للهيّن المألوف، وبتناقضاتها، واستحالة ترقّبها، تُلقي بنا في التجربة العملية، فهل امتصّت نفوسُنا النور، لمّا كُنّا في المدرسة، وكان كل شيءٍ واضِحاً ومُنيراً؟
 فإن امتصصناه صِرنا مُضيئين، وعجزت الظلمات عن تخبيطنا، وإن لم نمتصِصْه صرنا دميةً صمّاء، يتلذذ الظلام بظُلمها والعبث بها،
هذا هو الأيمان يا إخوان،
فالنور يضيء الأشياء ليتعرّف عليها في عقله، ويقرر في ظرفه الصحيحَ من التقييم، والفاضلَ من العمل،
وأما الظلام فيتحسس و يقيس، فيرى بالوهم، وينحثّ بالخوف، فلا يتقدّم خطوةً إلا ليتأخّر عشراً،
فإن التحسس ليس كالبصيرة، والتخمين ليس كالمعرفة، وأحكام الواقع ليست كالفضيلة،
 بل إن كل الأعراض الظرفية المكانية الزمانية زائلة، وكل ما يبُنى على زائلٍ زائلٌ، بقانون التكوير المديرِ لحركة الكون الطبيعي ونشوئه وهلاكه ثم إعادته،
وإنّ ما يستدركه العقل بالتحسس مقصور على مُستدركات التحسس، المقصورة بحدودها الطبيعية،
 فالقدم مثلاً، تتحسس وجود الأرض وصلابتها تحت وطأتها، ولا يمكنها العِلم بالهُوّة على خطواتٍ منها، فهذا أمر البصيرة، القادرة على التطلّع إلى الأبعاد، بنورها،
 وقد يخدع التحسسُ العقلَ، بإعطائه معلومات غير كاملة وغير متكاملة، فلا حيلة للعقل آنئذ إلا أن يأخذها على نقصها، ممثّلاً إيّاها بأشياء في ذاكرته الطبيعية، والتي قد تكون مختلفةً كل الأختلاف عن ما هو بصدده، فيتّخذ القرارات ويقُدم على أفعال تردي به في مهاوي الزمان،
 فأما الذي امتص النور من المدرسة وارتوى منه، فهو ذو العلم الحقيقي، الجامع كل العلوم والمعارف، والذي أسماه أرسطوطاليس عليه السلام 
quintessence،
يعني المعنى الخامس، يعني العقل سيد السيادة،
فهو العلم الذي في نوره تتبلور كلُّ المعارف والعلوم، وتأخذ صورها الشتّى، 
 وكلّما جاء الحدود الكرام دلّوا عليه، و معرفته معرفة حقيقية غير متغيرة وغير زائلة، وهذا هو اليقين والأيمان، وشتّان ما بينه وبين التسليم بتفسيرات المفسرين، فهذا يتطلب غمامات كالتي توضع على عيون الدواب، منعاً لشرودها، والتي تستوجب العقاب والثواب عند ارتدائها،
 و هذه المعرفة صعبة الوصول للنفس الهائمة في أهوائها، الغرِقة في أحلامها، المثقلة برغباتها وآمالها، 
سهلة الوصل للنفس المهذبة الكريمة العافّة عن الأشياء الآنيّة البائدة،
وإنه أعجوبة هذا الوجود العظيم، والمعجزة الحقيقية،
 فهو في كل شيء، ولا يختلط بشيء، ولا ينفصل عن شيء، "فقلّب بصرك في أعجوبة الوجود"، كما قال كرشنا، عليه الصِلات، في تدريس أرجونا، عليه السلام، 
 ومهما جهدنا في الشرح، وأسهبنا في الوصف، وأنعمنا الثناء، فإنا مقصّرون، ثم تراودنا آيات كريمات من القرآن، ربّنا ما خلقتَ من شيءٍ الاّ بالحق، يعني بالعقل،
فكيف ذلك، يسأل السائلون،
 كيف أن العقل في كل شيء ثم يتقمّص الأجسام ويعيش و يموت، ولو أنّك سألته، وهو مُشَخّصاً، ماذا في الغرفة المجاورة، ربّما عجز عن الأجابة،
فهذا ما سأحاول تقريبه للاذهان، بما قدّرني أن أتعلم منه، فلا علم إلا منه، ولا تعليم إلا بإذنه، 
 إننا قبل أن نسأل، كيف أن الحدود الذين بهم خُلق الكون، يُبعثون في أجسام بشرية فيكبرون ويهرمون، ويموتون ويُبعثون، مرات عديدة، وفي حيواتهم ينسون ويتذكرون، ويجهلون ويتعرفون،
يجب أن نسأل كيف أنّ كل البشر خاضعون لهذا التكوير الطبيعي،
فإنّ الأنفس خُلقت من نفس واحدة، قالها القرآن،
فلا بد لهذه الانفس، وهي قطرات بحر واحد، أن تكون البحرَ الواحِد في كل قطرةٍ،
وإلاّ، فلكانت مغايرة لبعضها وللبحر، وكونها من بحر واحد أو من عدةٍ  لا يستوجب ذكر أنها من نفس واحدة، فهذا يشير أنها البحر الواحد في كل قطرة، 
وإن الفكر الذي الِفَ البرهان التجريبي يجد صعوبة في قبول البرهان العقلي،
وهذا اختياره،
 فالفكر يفضل أن يحلل النفس الأنسانية مِخبريّاً، بحيث يتمكن من تحسس الأشياء و قياسها، لكي يكون تحليله علمياً:
scientific
فالعلم التجريبي بهر الناس بإنجازاته، والناس اليوم يضعون كل ثقتهم به، لأنه مُبرهن بالتجربة المحسوسة،
هذا ما دفع القليلي الأيمان بالأنقسام ألى فريقين،
واحد رفض الكتب الدينية قائلا أنّها خرافات الأولين،
 وواحد لم يترك حيلة إلا استعملها، وأحيانا بالتلفيق والكذب المتعمّد على العلم التجريبي و علمائه، للقول أن العلم التجريبي موجود في الكتب الدينية،
 هذا لا يكشف إلا واقعاً واحدا، وهو أن نفوس هؤلاء ظالمة، وشكهم في الكتب الدينية عظيم، وشكهم بعقولهم أعظم، وهم عديمو الأيمان،
 فهذه الكتب لم تأت لتكون دروساً في العلوم الطبيعية والأقتصادية والسياسية، كما أنها لا تُعلّم الخياطة والنجارة والحدادة،
والعلم الحقيقي هو العقلي، وهو الذي يزداد بساطة إذا ازداد ارتفاعاً، 
وأما العلم التجريبي وكل العلوم الأرضية فلا تزداد إلا تعقيداً وتركيباً إذا ما ازدادت عمقاً،
وهذا التعقيد والتركيب موجود، ووجوده في العقل أيضاً، 
إلا أن المعقّد والمُركّب، لا يمكن أن يُختبر إلا بمثيله، حيث يتحقق وجوده،
فأما العقل، فلا رغبة له باقتنائه، إلا لأخضاعه لسلطانه،
 فإذا صمم المهندس تصميماً، فبمعرفته بالقوانين التي بأمرها تتم الأحداث الطبيعية التي يتوخى حصولَها في تصميمه، 
ثم إذا ما أنهى عمله، وتم بناءُ ما صمم، واختبره وتأكد من صحته، عاد إلى بيته ونام مُطمئن البال،
ويبقى تصميمه عاملاً، من غير مساعدته أو تدخّله بأية وسيلةٍ، ذلك لأنه موجود في عقله،
 فإذا دلتنا عقولنا أنا موجودون وجود النفس الواحدة، وإن تقلّبنا في الأجسام، فبإمكانها أن تدلّنا أن وجود الحدود أيضاً وجود النفس الواحدة، وإن تقلّبوا في الأجسام، فهم بُدئوا منها، كما جاء في كتاب سبب الأسباب،
وإذا دلتنا ان العقل موجود، نمنا على وسادة الطمأنينة،
 إنّ الوجود المادي ليس شرّاً إلا بقدر ما نرسب ونشترك به، وليس فاضلاً وجميلاً إلا بقدر ما نتعلّم منه، وما خُلق الكون إلا لذوي ألبابٍ، وإننا نُطرب للجمال والمنطق والكرامة لأنها تتناغم مع ما في عقولنا، فما في عقولنا إلا الرِفعة والبهجة واللذة في الحقيقة، 
 فإما إن ابتعدنا عن الكون الحقيقي هذا الذي في ألبابنا، حُرمنا من هذه الملذّات، وطلبنا ملذات الحس عِوَضاً عنها،
 ولأنا مفطورون على حب الجمال والتلذذ به، أصبحنا سجناء هذه وعابديها ومدمنيها، وكلما اغترفنا منها دفعنا ثمناً باهظاً ألماً وعذاباً،
 ليس لأنّ الله يعذب إذا تمتّعنا ولكن لأن هذا قانون طبيعي، فالمتناقضات تنهمر علينا، غير عابئة بمعتقداتا وصلواتنا وعقاقيرنا، لذلك فقد علّمت مدرسات الحكمة القديمة أن خير الطريق الوسط المستقيم، 
 والذين فشلوا في فهم هذا القانون الوجودي ترونهم يسنّون قوانينهم، خوف العذاب، فالذي لم يذق طعم اللذة في الحقيقة دائم الخوف من الحرمان،
 ولا تنفع صلواتهم شيئاً، ولا تقنيّتهم في التحكم في كيمياء الدماغ، فإن الأنسان ليس لحماً ودماً، إلا إذا اختار أن يكونها،
 وتتمزق أرواحهم بين الرغبة والذنب، فيزيدون عذابهم عذاباً أضعافاً، حتى جاءت العقيدة الفرويدية الدروينية، التي تقيس بالكيمياء، وتتخذ القردة والجرذان قدوةً، وكأنّ قمة الأرتقاء العود إلى الوراء،
 والأتعس من هؤلاء هم الذين اتخذوا من هذا السقوط ديناً وأملاً للدنيا والآخرة، بل قالوا هذا أمر ربهم، فيا حسرة على أناس إنقلبوا على أعقابهم، ما قال القرآن إلاّ حقاً، فهل ما زلتم تسألون كيف سقط الأنسان ومن أسقطه؟
بل السؤآل وجب أن يكون من ينشله من جهنّمه،
وليس إلا ربه القادر على كل شيء، 
بالحق،
فلا يتحقق إلا الحق، وأوهام الناس من صنعهم بالحق،
والأنسان لا يهوي إلا في المهاوي المُحققة، ولا يخرج منها إلا على سُبل مُحققة،
ومن سوى ربكم يحققها؟ وهو الذي تنزه و تعالى على كل ما خلق،
 فهذا العالم محقق بحدوده، وسبل الخلاص منه يطرقها بحدوده ويمهدها بهم، وبهم يصل إليه، لذلك فهم ناسوته المحقق بأمره وعزّته، ولو كره الكارهون،
فإن قال قائل بل الله يرسل كلمته مع ابنه أو ملاك منقطع من السماء، أو أنه  يختلط بمادة الأرض، فهم الذين لا يعرفون إلا الأوهام، فهذه أحداث غير موجودة في العقول، وموجودة تسليماً فقط، ولا يسلّم بها إلا الذين هجروا العقل واستحبوا الطبيعة، وتسليمهم بما ليس في الطبيعة ليس إلا تعبيراً عن الخوف من الطبيعة بلا العقل،
إنني كما ابتدأت أُأَكد، أن الحدود فينا، ونحن فيهم، وهذا وإن بدى بعيد المنال، فإنه الحقيقة المُحقَّقة في العالم، 
 وما أكثر الذين يدّعون معرفتهم، وبدل أن يُرشِدوا الناس إلى هذه الحقيقة الوجوديّة، التي تنفع الناس بتقريبهم من حدودهم ، ترونهم يكتبون الكتب عن ابتدائهم وخلقهم، وأعمالهم وأحوالهم، فيصبح حديثهم من قبيل الميثولوجيا، وهذا من غير مشاهدة، ومن غير تبصر عقلي، وهو شهادة زور،
 لذلك فإني سوف أحاول تقريب أذهانكم منهم، والجهد الفعّال والنافع يأتي منكم، فليست المسارب الذهنية إلا دليلاً، وهي ليست بحد ذاتها معنى، إلا في تناغُمها مع المعاني التي في داخلكم، فأين توجد الكلمات؟
وقد اتخذت هذا السؤآل عنواناً،
ولقد سألَتْ السيدة نسرين، ماذا ينفع الكلام، 
فأمّا إذا كانت المنفعة مُعرّفة مُسبقاً، فقد لا يجد القارئ ما توقّع، ولا الشاري ما ساوَم عليه،
فالمنفعة التي تحول الحياة الدنيا إلى دار وِفرة وإستهلاك ليست منفعة حقيقية، وهي زائلة عاجلاً أو آجِلاً، 
 والمنفعة الحقيقية هي التي في ضوئها تُعرف المنفعة الظرفية، والمنفعة الظرفية التي لا منفعة حقيقية معروفة فوقها ليست منفعة، بل ضُرها يمحو نفعها،
 إنه لمن قصور أيّة لغة أن مفرداتها لا تغطي كلّ المفاهيم الذهنية المجرّدة، وعندما يجد الباحث العلمي التجريبي، أو الرياضي أو الفلسفي نفسه أمام مفهوم جديد أو معنى عقلي لا مرادف له في قواميس لغته فإنه يصوغ كلمة جديدة، مستعملاً الجذور التي تستقر على الموضع الأقرب في عقله، لذلك المفهوم أو المعنى،
وهذا يحصل أيضاً عندما تتفاعل الحضارات البشرية وتتشارك في علومها وثقافاتها،
فالكلمات والقواميس من صنع البشر، وكثيرون هم الغافلون عن هذا الواقع البديهي،
إلا أن المعاني العقلية خالدة وغير متغيرة، وليست الحركة الذهنية إلا وسيلة للتنبيه لها،
والكلمة، لا جرم، خير مشير إليها، 
فالكلمة التي نحن بصددها هي كلمة حدود، وهذه كلمة عظيمة لو أن الناس يفهمون،
إنها من مادة ح د د، الذي يشير في العقل إلى شيء "حاد"، وكأن الأستقامة متضمّنة بصورةٍ ما، وقال شاعر:
والسيف أصدقُ إنباءً من الكتب، في حدِّه الحدُّ بين الجدّ واللعب،
أما الحد في معناه المُجرّد فهو فاصل ما بين شيئين،
 ولكن هناك حدّ آخر في العقل، ليس الفصل وظيفته، بل الدلالة والأشارة، بالأضافة إلى الفصل عَرَضاً، وهو ما تشير إليه الرياضيات و الفيزياء ب
dimension
فالذين يتذكرون الريضيات في الصفوف التكميلية يألفون هذه الفكرة، وهي بسيطة:
خذوا صفحة ورقية كاملة، مربعة أو مستطيلة،
هذه إسمها مُسطّح في الرياضيات،
له طول وعرض في أذهانكم الأن،
 بإمكانكم أن تأخذوا نقطة حيثما شئتم على هذا المسطح، وتقيسوا بُعدها العامودي عن الطول والعرض، هذان الرقمان هما "أبعاد" النقطة على المسطح، وهكذا كل نقطة عليه تُعرف ببُعديها،
وإن الطول والعرض يلتقيان في نقطة على الزاوية، سوف نسميها المصدر أو المرجِع،
 إذا نجحتم في فهم هذه الأوليّات، بإمكانكم الآن حملها وتطبيقها على الفضاء داخل الغرفة، وهذه لها طول و عرض وإرتفاع، و كل نقطة داخل الغرفة لها ثلاثة أبعاد، وباختياركم نقطة زاوية كمرجع، يصير المثل متكاملاً،
فهذه الحدود، أعني الطول والعرض والأرتفاع، ليس غايتها الفصل أو المنع،
وقد استعملت مواقع الأنترنت الأنغليزية كلمة
limits
 للكلام عن الحدود في الحكمة، وهذه تحمل معنى الفصل والمنع، كما رآه مفسّرو القرآن أيضاً، حين قرؤوا: هذي حدود الله، فباتت الحدود في أذهانهم إشارة إلى الشرع، الفاصل بين الحلال والحرام، والممنوع والمرغوب،
 فإذا استطعتم، جرّدوا هذه الفكرة في أذهانكم من المسطح والفضاء، واعلموا كل نفس بشرية هي نقطة ذات حدود، وأن هذه الحدود لها نقطة مرجع،
فتفكّروا بهذا يا إخوان وسوف نتابع بإذنه تعالى وتأييده،
 ولنجعل التمثيل مبسطاً، لنعد إإلى الورقة المسطحة، ولنأخذ نقطةً عليها، ممثلين النفس في العالم بالنقطة على المسطح،
والمسطح هو العالم الذي بُعثت فيه،
 فهذه لديها خياران، إما أن تتخذ لنفسها حدوداً في عالمها، مدفوعة ب ... عدة دوافع، من الخوف إلى الرغبة في السكون، ومن الكبرياء إلى الأقتناع بالقليل، ومن اللجوء إلى سعادة عرفتها إلى التقوى من عذاب خبرته ...
وكل هذه الدوافع ونقيضها حالة غُربة، خبرتها في ألوان وأشكال وأحجام مختلفة،
 آنئذٍ، ترسم لنفسها حدودها على الأرض، وهذا الآن عالمها، وعلى الزمن باتت ناسية أن هناك عالماً واسعاً خارج عالمها، 
 وهناك نقاط غيرها، بعضها تسكن معها داخل حدودها وبعضها قريبة أو تشاركها جزئياً، وبعضها في حدود لها بعيدة، ومنفصلة كليّاً،
 فإنكم تستطيعون الآن أن تروا بالتمثيل الذهني كيف أن النفس تحجب حدودها الحقيقية بحدود من صنعها هي، وتسجن نفسها، وتحرم نفسها حرية العالم الفسيح الواسع الذي أودعها فيه ربها،
وكيف أن الأنفس السجينة غافلة عن حدودها الحقيقية المشيرة إلى مرجع كل النقاط العالمي،
 وكيف أنها إذا حاورت أنفساً بعيدة عنها في سجنها فإنه أشبه بحوار الصُم، فكل نفس لم تعد تعرف غير ما عرّفت به نفسها، وحددت به عقلها، 
 وكيف أن سجنها الوهمي هو من هذا العالم، و حدوده قَطع صغير من حدوده، وليس من صنع قوة مختلفة منفصلة مُتحدية،
وأما الخيار الثاني،  فتأخذه النفس التي أينما ولّت وجهها فلم تر إلا حدودها الحقيقية، فبقيت حرة في داخلها، أينما حلّتْ أو رحلت،
ثم، في يوم من الأيام، شيء في سريرتها حدّثها، قال يانفس عبث ما تفعلين و ضياع أينما تسافرين، 
ألم ترَيْ تلك المشيرات في نفسك؟ فاتبعيها عساك تصلين،
 فتبعتها، وفي يوم من الأيام، أضاء لها نور على مُلتقى البحرين، قالت يا سلام، ما هذا إلا حق، هذا مُناي وحبي وأملي ومرجعي وبهجتي، لا أريد اليوم شيئاً، إلا التسبّح في بحر الضياء، ما هذا الطرب الأصيل ومن أين يأتي؟ وهذه العين، لجمالها سجدت له العين، وقلبي خرّ ساجداً حباً وتيماً،
بل أريد الآن أن أعود إلى النيام، لأنادي أنْ إصحوا يا نائمين،
ولكن، وا أسفاه، فأكثرهم يستحبون الأحلام على الحق، فلا يسمعون ما تقولين ولا يقولون ما تسمعين، 
أن الحدود، كما ذكرت سابقا، نوّهت لهم حكمة الشرق الأقصى والقرآن والفلسفة اليونانية، لكن الرسالة التي كشفت أن معرفتهم هي المعرفة، والسبيل إلى توحيد المولى جلّ جلاله، هي رسالة سيد العالمَيْن حمزة عليه الصِلات، والتي لخّصها في كتابه الكريم سبب الأسباب،
لكن هذا لا يعني أن الموحدين الذين سبقوا غابت هذه الحقيقة عن عقولهم،
 فإن الحدود يُعرَفون ويُشاهدون على الآفاق العليا، وهم جامعو الخلق على مائدة المعبود كما قالها مصحف المنفرد بذاته،
لكن إيصال معرفتهم بالكلمة والتقريب الذهني كان أصعب في ذلك الزمان ولغاته ومفاهيمه المجرّدة،
إن التوحيد ليس كلمات تُكتب وتُقرأ، بل هو مرتبة إدراكية، يتجاوز فيها الأنسان اللغة ومكانها والزمان،
 وإن الكلمات التي دلّت على الحدود في القرآن والحكمة ليست مُطلقة، فهي كلمات باللغة العربية في ذلك الزمان،
 فبإذنه وعينه وتأييده سأحاول تقريب أذهانكم من الثمانية حاملي العرش، يعني ما يتفرّع من الكامل البسيط، يعني الكامل،
 وعندما نقول أن الحدود يُعرفون ويُشاهدون على الآفاق الأدراكية العليا، فهذه هي الأسماء، يعني الأعالي، لكن مفسّري الكتب جميعاً حسبوا الأسماء أسماء عَلَم، واطلقوها على ربّهم، وقالوا أنّها ذروة العلم، و كتاب سبب الأسباب وضوح الشمس، نزّه مولانا الحاكم الأحد الفرد الصمد عن جميع الأسماء والصفات،
لكن هذه الغلطة الجسيمة جاء ذكرها في القرآن، ثم في الحكمة، إذ قال أخذوا عَرَضَ هذا الأدنى،
وحار بها المفسرون، لأنّها تنبئ عنهم:
 فالأنفس السجينة في الحدود التي اتخذتها لنفسها، كما في المثل، هذه الأنفس تأخذ كلمة ربها في حدودها هي، وليس من حدود ربها، فهي عمياء عنهم،
ففي حالها، تُمسخ الكلمة في الأطار الطبيعي، يعني العرض الأدنى، وتأخذ مدلولاتها الشريعيّة،
 وأما النفس العارفة حدود ربها، فهذه، وإن عجزت في حاضرها عن التسبيح في آيات النور، فإنها لن تتقوقع في الطبيعة،
لذلك قالت الغيتا حقّاً، أن الأنسان مُكَون من معتقده، والكلمة تكشف ما لديهم نوراً كان أم ظلاماً،
فهل يعني هذا أن الأجتهاد في التعلم عبث؟
 كلا ثم كلا، لأن الأنفس اقتنت أفكاراً وأشياءً لاتحصى، وهذه لا تُغربل ولا تُنقّى إلا بالعلم، وعسى أنّها تخبّئ لآلئ وجواهر ثمينة سنية،
وأما إذا ما بقيت هذه دفينة، فإن نارها سوف تخمد، أبعد المولى خمود النور عن نفوس المؤمنين،
فإن نور الأنفس عقلها، يضيء طريقها أينما كانت، وقد أسمته الحكمة عقلاً، و القرآن حقاً، والدائرة قانوناً،
وهو معنى كل شيء وروحه، 
 فإذا قرأتم كلمة "مُثلّث"، تبادرت إلى أذهانكم عموم المثلثات، الصورية منها والعددية والمجازية والتجريدية ...
في العقل كلها قيمة واحدة، 
 فإذا أخذتم ورقة وقلماً ورسمتم مثلّثاً، فهذا تصوير لهذه القيمة، وفعل التصوير حركة عاقلة على خط الزمان، والصورة لها وجود آني زائل، وزوالها بفعل قانون الطبيعة المكوَّر على البَدء والأنتهاء لكل عَرَض في العقل،
هذا هو الخلق المُحقّق بالعقل والنفس والكلمة، الذي أشارت إليه الغيتا ب الخالق والحافظ والمُهلِك،
والهلاك هنا بمعنى الحركة المحتومة بالفناء،
 وإني أفضّل أن لا أحاول تحديد مهمّات هذه بالتفصيل، فهذه معانى سامية، يقف أمامها الذهن مذهولاً، وإلا فالويل لصاحبه من الغرور، المتفلسفون القدماء منهم والمعاصرون، الذين يقيسون الخالق بالمفاهيم الذهنية، التي هي من خلقهم، وقعوا في أخطاء جسيمة، فقاسوا طول السماء وعرضها بأشبارهم، وكالوا ماء البحر بكوب من صنعهم،
وإذا ألقينا نظرة سريعة على فيزياء القرن الماضي، لرأينا مسخاً لهذه القيم في قوانين الطبيعة:
فالنسبية الخاصة قائمة على أن الرقم الثابت هو سرعة الضوء، فأما المسافة والزمان فإنّهما يندمجان،
 وليست مناقضة هذه المقولة أو دعمها غاية هذه الصفحة، لكن الخطأ الذي ارتكبه الفلاسفة الماديون الذين اتخذوا من النسبية العامّة ذخيرة، هو أنهم أحبوا "النسبية" أكثر من حبهم للرياضيات التي حددتها وشرحتها، ألبعيدة بعد السماء عن الأرض عن النسبية،
 فهذه ثابتة وموقنة في عقول كل البشر، وثباتها ووجودها في عقولنا أكبر وزناً من ثبات سرعة الضوء خارجنا:
فعقولنا ليست بحاجة إلى البرهان بالتجربة لأنها هي التي تُعرِّف البرهان،
 فالصورة والحركة والزمان ثلاثة مكونات لمظاهر الطبيعية، التي سوف أحاول في الرسلة التالية أن أرى العقل والنفس والكلمة من خلالها، بعين المولى وإذنه، جل وعلا،
إن الصورة والحركة والزمان هي المُكوِّنات الثلاث لكل المظاهر الطبيعية، فأين المعنى الخامس، في هذه المعادلة؟
 إذا قلنا أنه غير مُدرك بالعقل أو بالحس لكان القول مناقضاً لما أشرنا سابقاً، إذ قلنا أن المعنى الخامس هو العقل،
فهل يصح أن يكون العقل غير مُدرِكٍ لذاته؟
فهذا يعني أنه مُدرِك لما خَلق، ولكنه غير مُدرك لذاته،
 لكن كل ما خَلَق، خلقه من نفسه و في نفسه، ولا يمكن لخلقه أن يكون من شيء أو في شيء غير العقل، فهذا يستدعي وجود عقل آخر، وهذا محال،
إذاً، يمكننا أن نأخذ العقل البشري دليلا إلى العقل، فهو وسيلتنا الوحيدة على كل حال،
 وإذا قال قائل أن العلم التجريبي والتكنولوجيا دليل آخر، فهؤلاء متناسون أن هذه كلها من صنع العقل الأنساني المدرِك لقوانبن الطبيعة، والمُسخِّر إيّاها لمنفعته، 
فأصبح هكذا السؤآل الأن: هل يُدرك العقل البشري ذاتَه؟
 إن هذا السؤآل له معنىً مختلف لكل فرد، وذلك تبعاً لمرتبة إدراكه وخبرته ومعتقده والحدود التي حدد بها نفسه كما أوردنا سابقاً،
فالسؤآل الذي يطرح نفسه الأن: ماذا يدرك العقل البشري؟
 وهذا أيضاً يختلف باختلاف العوامل التي أشرنا إليها في محاولة الأجابة على السؤآل: هل يدرك العقل البشري ذاته،
لأننا الآن أوقعنا أنفسنا في دوّامة من أسئلة بديهية الجواب،
 فالعقل لا يمكنه أن يعرف إلا ذاته، ولاشيءَ خارجه، ولو أن شيئاً خارجٌ عنه لأستحال إدراكه وبات فراغاً وعدماً،
 وإن أية محاولة لأستفسار من هذا النوع، سواءً أجَرى في الذهن البحت أم مُستعيناً بالأختبار العلمي، فإنه سيدور في دوامة، لامحيص منها إلا بالأيمان بالعقل،
و هذا الأيمان، كما قلت سابقاً، ليس من قبيل التسليم بما لا يقبله العقل، 
 فإن الثلاثة التي بدأنا بها، أعني الصورة والحركة والزمان، ثم تساءلنا أين العقل في هذا الثالوث: إن هذه الثلاثة هي العقل، وقد هبط درجةً، من موجود واجب الوجود، إلى موجود واجب الوجود ذي إمكان،
وسوف أتابع بإذن المولى جل جلاله،
ويجب أن أستدرك وأأكد أن الكلمات ليست هي الموجود، بل هي دلالة على عقولنا، وإذا أُعطيت في عقولنا أكثر مما تستحقه من القيمة الوجودية، إنقلبت جُدُراً وحواجزاً وسجناً، كما ذكرتُ سابقاً،
 وإن العقل وحدوده لا يبدأ باتسلسل الزمني الخطّي الذي ألفناه في العالم الطبيعي، فهذا الزمان مخلوق، وهذا شيء صعب الفهم للذهن، الذي يميل إلى اتخاذ الطبيعة وناموسها مَرجعاً له، وهذا طبيعي لأنه وليد هذه الطبيعة وما تعلمه منها ضمن حدوده فيها التي رسمها لنفسه، 
 فلمّا قلتُ أن الوجود هبط إلى الأمكان، فهذا ليس مكانيّاً ولا زمانياً، فالوجود وإمكانه موجود دفعة واحدة، و"الهبوط" أو "الفيض" هو كالقطرة من البحر التي هي كل البحر، وهذا أيضاً صعب الرؤية للذهن،
 لذلك فإني أدعوكم مرة أخرة لرمي همومكم الدنيوية، وأعباء معايشكم التي تستوجب المشاعر المتضادة، و غربلة الأقتناعات بكل أشكالها، لتروا عقلاً واحداً فوق كل ما ترون،
 وإذا ثابرتم، لن يطول الزمان حتى تروا نوره في أسمائكم، وإذا ثابرتم وازددتم طهارة، لن يطول الزمان حتى تذبحوا بقرةً صفراء تُسرّ الناظرين، يعني أن تروا دائرةً كاملة نورانية تنشق في سمائكم و تبدد الظلام، وليس هذا ببعيد عن المؤمنين،
عندها تتفتت المقولات الدينية منها والدنيوية، وتغدو رماداً، لأن هذا هو نور المعرفة، التي لا تسعها الكلمات،
 وكل ما أحاوله في هذه الكتابة أن تحرروا عقولكم من التفسيرات للكتب والحكمة، التي باتت سجناً بحدود ذاتها، 
 وأن أعيد الكلم إلى مواضعه في العقول، ليدل على ما كان المَنْوي منه لأن يدل، بعد أن تحرّف الكلم عن مواضعه في أذهان المفسرين ومَن تبعهم،
 وإني لا يسعني إلا أن أُنعم الثناء على إدارة هذه الصفحة الكريمة، وأن أغدق الشكر، للسماح بنشر هذه المقالات، على هذا الموقع وعلى مواقع أخرى، ورغم مناقضتي في كثير من الأحيان لأقتناعاتها ومقولاتها الفلسفية،
 وليس هذا إلا دليلا على الروح السقراطية التي علّمت أن لا طريق إلى المعرفة بغير الحوارالمنطقي العقلاني، سواءً أكان بين الفرد ونفسه، أو بينه وبين الآخرين،
وليت أن جذوة من هذه الروح الراقية تضيء الأنفس الظالمة في العالم اليوم،
ألعالم الذي لم يعد يعرف إلا الدمار وسفك الدماء وسيلةً للوصول إلى أطماع آنية وأنانية زائلة سريعاً،
 ولقد أسهبت في الكتابة، وشردت عن الموضوع، كلما سنحت لي فكرة، لأني أرى أن هذه الأشياء مترابطة، وإن لم تبدُ كذلك لأول وهلة،
وبحسب تخميني رسلتان أو ثلاثة بعد هذه سوف تفي و تكفي،
 ففي الرسلة التالية سوف أحاول أن أُري القارئ الذي يألف العلوم التجريبية المعاصرة، والنظريات الفلسفية القائمة عليها، أنه بإمكانه أن يرى الزمان، ذلك القوة الخفية التي لها يخضع كل موجود، عقلا للوجد الكوني، وهذا يمهّد السبيل في نفسه لمعرفة العقل،
 فحسب التسمية التي استعملتها سابقاً، أعني الصورة والحركة والزمان، الزمان يشير إلى العقل، والصورة إلى النفس، والحركة إلى الكلمة، 
 وليس هذا إلا تقريب ذهني، لا يختلف عن التقريب المألوف من حيث قربه أو بعده عن الغاية العليا، إلا من حيث يقف الناظر به،
و الذي فحواه أن العقل معني بالتفكير والنفس بالروح المخطلطة بالتراب، والكلمة بالنطق،
 فهذه قامت بعملها، ولكنها تقف مرتبكة أمام ما وصلت له العلوم التجريبية اليوم، التي لا يمكننا تجاهلها، ولا الأدعاء أنا أكثر معرفة منها، ما لم نستطع إحتواءها ضمن قيمنا الفلسفية،
فإلى الرسلة التالية بإذن المولى،
 إننا عندما نذكر الصورة، يتبادر في الذهن الأشياء المرئية، ولا بأس بذلك، فالأشياء التي نتعرف عليها بالحواسّ الأخرى ... الذهن يتصورها في أفضئة (جمع فضاء) من خلقه،
 ولا عجب في ذلك، فالفضاء المنطلق من الأنفراد في الكينونة عن الذات، والرؤيى لقمم بيضاء مضيئة، هو أول اختبار لما تخبئ الكينونة، من شاهد ومشهد ومشاهدة، وهذا ابتداء وجوب الوجود والسرمدية،
 وإن الحواس: ترى الفلسفة الهندية أنها وليدة العناصر التي خُلقت منها الطبيعة، فالنظر من النار، والسمع من الفضاء أو الأثير، والشم من الهواء، والذوق من الماء، واللمس من التراب، وهذه طبائع الهيولى الأولى،
 فعسى أن هذه كامنة في اللقاء الأوّل، حيث العين بالعين، والسن بالسن، والأذن بالأذن، والبادئ أظلم، ليعرف الكائن مكانه،
لكن الصورة التي نحن بصددها هي القيمة العقلية، التي منها ظهور الصورة المرئية،
 هذه الصورة تمثّل في عقولنا الوعي الوجودي، الذي بإمكان القارئ أن "يراه" صورةً أو صوتاً أو حساً، أو حتى رائحة، أو صورة ممزوجة بهذه،
 فكون الصورة هي موضوع هذا التفحّص النفسي (لا أعني بذلك السَيكولوجي، بل الذاتي، ولكن لتجنب إستعمال هذه)، لا يقدح بعمومية هذا التفحّص،
 فالصورة العقلية هذه تحب نفسها وعقولنا تتمنى أن تخلّدها، إلا أنها خاضعة رغم نفسها لحال تحوّل دائم، فهي لا تلبث أن تهدأ حتى تتحرّك،
وهذا ينعكس في الطبيعة في الحركة الطبيعية للاشياء، كحركة الغيم في السماء، وحركة الحيوانات، وحركة الماء، وحركة الأجرام السماوية ...
كل هذه تتحقق بالقانون الطبيعي عينه، بلا تخصيص ولا فصل،
 فهذه الصورة ينقصها الكمال، وإن النظر إليها من منظورٍ ما يزيد في نقصها، وإن حركتها بقانونها الطبيعي نافذة للعين الشحمية أن تراها، كي تتمتع بالتقرب من كليتها، وهذا يقربها من الكمال المرأي، الذي تنشده هذه العين أبداً، لكن المسكينة لن تحظى به،
 هكذا الزمان، الذي لوتمكّنا من تهدئته في عقولنا للحظة قصيرة، لأضمحلّت الصورة، و كأنها صورة فوتوغرافية زائدة الضوء
overexposed،
 فإذا تساءلنا ما هو الزمان؟ فهل هو ذهنياً سببُ الحركة أم نتيجةٌ لها؟ فهذا سؤآل يُعجز الذهن عن الأجابة، ويقف حياله موقفاً شبيهاً بموقفه من السؤآل ما هو العقل،
فالعقل وحده القادر على فهم الزمان، وليس الذهن الناظر إلى عقارب الساعة،
فالذهن يعد الثواني التي يشاهد حركتها، بينما يرى العقل أن الزمان هو حاله بعيداً عن الكمال طالباً للكمال،
 فلتجنُّب التفصيل، ومن أجل إعطاء القارئ الأختيار لينظر في عقله، أقول وبلا مزيد من المقدِّمات، أن الزمان هو العقل الأنساني، الذي يُخضع الصور للحركة على قِيمه ومعانيه، 
وهكذا فإن ثالوث العقل والنفس و الكلمة هو في العقل الأنساني الناظر إلى الكون: الزمان والصورة والحركة،
فإلى الأيمان والفكر، أعني السابق والتالي، في الرسلة الاحقة بإذن المولى وعينه،
فأما السابق والتالي، فهذان الأسمان لا يدلان على معنى غير الترتيب، والعقل هو سابق كل موجود، 
 وإنّ السابق والتالي، عليهما السلام، الوسيطان بين العقل والنفس والكلمة، وبين أضادهم، ومن هذه الوساطة تظهر الأديان،
فلأن كثيراً من الناس غير قادرين على فهم الرسلات في مكانها و زمانها، فإن آمن بها الأضاد آمنوا،
وهكذا تبدآ تجربة إنسانية جديدة، فاتحةً ابواب الأيمان والتوحيد للجميع،
 وهكذا فالكلمة التوحيدية كامنة في كل دين، ومصدرها العقل، فأما ما يتلقى الناس منها، فهذا رهن الحدود التي إتخذوها لأنفسهم، التي في حدودها تُنزّل الكلمة، وتأخذ تفسيراتها ضمنها، يعني عَرَضها الأدنى،
 وإنه لواجب على كل نفس أن تسأل وتستفهم وتتحرى وتفكر وتتأمل بحسب قدرتها، ولا يكلف الله نفسا إلا وُسعها، 
 ولا يغيبن عن بالكم، أن لا ظلام في الأضاد إلا بقدر ظلام أنفس الناس، ولا يُضل الشيطانُ وإبليسُ إلا الذين اقتنوا أهواءً في قلوبهم وأوهاماً في عقولهم وانقلبوا على أعقابهم، 
 فليس في الوجود صراع بين الخير والشر إلا في جهل الناس، وليس للعقل ضد ولا ند إلا في النفس الناظرة إلى الظلام بغير نورها، وإذا كان للعقل ضد، وجب أن يوجد عقل فوقهما لا ضد له، فالمولى منزه ومُتعال،
فتفكروا وتذكروا، فقد خُلِقتم من نفس واحدة،
فإن امتصّت النفس نور العقل أضاءت به ظلماتها، و إئتنست بالرؤيى، وغاب الوجه المخيف،
 فالميثولوجيا التي يروي الناس ليست مشاهدة، ولا خبرة، بل تفسير لما جاء في الكتب والحكمة مما لا يفهمون، وما خوف الناس إلا من جهل أنفسهم،
 وإن السابق هو الأيمان بالعقل وأنه سيد الكون والكائنات، فأما عرض هذا الأدنى فهو التسليم بوجود شيءٍ لا تبصره البصيرة ولا تراه العين إلا إذا اختلط بالتراب، فمنهم من يرونه في الحجارة ومنهم في بشر مولود وميت،
 فالروح الحقيقي الذي في كل شيء وفوق كل شيءٍ غائب عن عقولهم، ومن غيابه ينشأ ثالوث الله والعالم والأنسان في الأديان،
 وأما التالي فهو الفكر الذي يلي الأيمان بالعقل، فيُعبِّد الطرق الفلسفية والفكرية للذين يسيرون على هذا السبيل لمعرفة العقل،
والذين يعرفون العقل يقتربون من توحيد ربهم إذ دنى فتدلى وكان قاب قوسين أو أدنى،
وهذه الحدود في العقل الأنساني الذي به تتحقق التجربة الأنسانية والأختبار والمعرفة،
يبقى أن نقرب الأذهان إلى الفتح والجد والخيال، بإذن المولى وتأييده،
إن خير ما يمثل الفتح هو المذهب البوذي الياباني المعروف بإسم زِنْ
zen
 ليس لدي المعرفة بالنظام الذي يلتزم به هؤلاء الرهبان في محرابهم، لكن القليل الذي أعرفه أنه في غاية الصرامة والقساوة، ولكن ليس هذا هو الفتح،
 عندما يلاحظ المدرّب علامات النضوج على تلميذه، فيدعوه للقاء معه ومع أناس متنوّرين، ويجلسون حول حلقة، ثم ينهالون عليه بأسئلة تتجاوز الواقع والمنطق:
كيف يمكنك أن تشرب من الكوب وتُبقيه مملوأً،
كيف تُدخل بيضة في قنّينة،
التصفيق صوت يدين، فما صوت يد واحِدة ...
 وقد إحتار الغربيون الدارسون للثقافة اليابانية بتفسير هذا التقليد، وراح أكثرهم يقولون أن غايته التدريب على التفكير التجنُّبي
lateral thinking
 ولكن الواقع أنه على العكس، غايته إرغام التلميذ على التخلّي كُليّا عن التفكير الذهني بكل أشكاله، ورميه مرة واحدة وراء ظهره، وصولا إلى نشوةٍ عقليّة وجوديّة، يتدنّى الذهن فيها، والمعرفة الحسية، إلى رتبة العبودية للعقل، بعد أن كان في موضع السيادة،
وهذا الفتح يحصل دفعة واحدة، وليس زن الطريق الوحيد للوصول إليه،
 إن في الكتب والحكمة نوافذ، يتدفق منها النور والجاذبية، فالذي خفّت أثقاله، وأزال الكثير من غشاوة عينيه، فإنه سوف يُقتل فيها، يعني أن نفسه الظالمة سوف تفنى، أو تستسلم لعقله، و يُقذف به إلى أسماء عالية، 
 والفتح يمكن أن يحصل على إرتفاعات مختلفة، وأنا متأكد أن بعضكم خبر شيئا منه، وفي أكثر الأحيان، يأتي قبس بلون من ألوان الحدود السلام عليهم، منبئاً عنه، وقد يكون تغلُّبا على عقبة جهل،
أما في عَرَضه الأدنى، فالفتح هو لحظة معرفة أو وحي فجائية، يسميها بعض بالأنغليزية
eureka moment
 و أيضاً الشعراء والموسيقيون والفنانون وكل الناس المبدعين في ما يعملون يعرفون لحظات الفتح، التي بها يتقدم الفكر الأنساني والفنون،
 وليس المطلوب من الأنسان أن يفعل شيئاً، كالشعائر أو الصدقات أو تعذيب النفس طلباً للفتح، فالفتح يأتي تلقائياً للنفس الصادقة بحبها للمعرفة، والتي ترمي أثقالها وأوهامها بلا حسرة و لا خوف،
 وقد كنت نويت أن أختم هذه الكتابة اليوم، ولكن نظراً لظروف صعبة لن أستطيع ذلك، فإلى الرسلة النهائية غداً بمشيئة المولى وعينه ويده،
كل عمل تقوم به النفس الناطقة له قانون، والعمل يتحقق بهذا القانون، من المبادرة به إلى انتهائه وبلوغ غايته،
 الطبيعة تفعل أفعالها وتتحرك حركاتها بلا وعي ولا غاية، غير الخضوع للزمان، لتظهر صورها، وهذه كلمة الزمان إذا جاز القول، ويسبح له ما في السماوت وما في الأرض،
 فأما النفس الناطقة، فإن الوعي الذي تتحلى به يحثها على طلب اللذة والنفور من العذاب، وهذا رهن الحدود التي اتخذتها لنفسها،
 فإنها بالفتح، يعني بالوحي والألهام، أو بالسابق والتالي، يعني بالأيمان بعقلها وبفكرها، تُدرك القانون الذي بأمره تتحقق غايتها، و تستنبط العمل الذي بواسطته تتوحد مع هذا القانون، وتُدرّب نفسها عليه، وتَجُدّ به، إلى أن تتحقق غايتها، وهذه هي اللذة التي تنشد،
 هكذا فإن الجد هو الحد من حدود النفس العاقلة الذي يحقق المسلك الذي يوصلها خطوةً خطوةً إلى منشودها، ويدرّبها عليه،
 وقد قدّمت الأديان في أمكنتها وأزمنتها المسالك التي تطهر النفس من أوهامها وأثقالها وتوصلها إلى معرفة العقل والحدود، بكل أشكالها من الصلوات واليوغا والتأمل التجاوزي والفنون القتالية والرياضة النفسية والجسمية ... 
 إلا أن لهذه عرض أدنى، ضمن الحدود التي النفس اتخذتها لنفسها، والتي في داخلها يتحقق كل نظر، وكل قانون، وكل عمل،
 والتي في داخلها، لا يوصل الجدُّ الجادَ به إلا إلى داخلها، وهذا حكم النفس على نفسها بالسجن المؤبّد، ما لم تتنازل عن كبريائها وعنادها وخوفها، لتلقي نظرة الى العالم الفسيح الواسع الذي حرمت نفسها منه، ولا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وليس الله بظلامٍ للعباد،
 ففي العرض الأدنى الأيمان بالعقل معدوم، وقانون الوجود غير معروف، والأعمال سلع يشتري بها فاعلها سلعاً أخرى من آلهة غير موجودة إلا في الوهم، ولولا رحمة من ربكم لما ترك عليها من دابّة، لكنهم يمهّلون إلى يوم معلوم،
 وكل الحِرف والفنون والمهارات الذهنية والجسمية أيضاً التي يستنبطها البشر ليتوصلوا إلى منفعة ولذّة لأنفسهم، تجري بالجد، إلى أن يتوحّدوا مع قوانينها، ويصلوا إلى غايتهم،
 وأما الخيال فهو طاقة العقل على الرؤية الغير مُحققة، وهذا يتم بإلقاء المعاني المجردة على القوانين المألوفة، بالصور وحركاتها المألوفة، وهذا يعطي هذه المعاني تصويراً وحركةً ممكنان، ويعدّ النفس لمواجوة الأشياء قبل تحقيقها. 
أشكرك يا صديقي د. خالد على تعليقك، فيه رأي صائب، وفكر منطقي،
 وليس للأنسان حيلة ولا وسيلة غير عقله للمعرفة، وللخروج بسلامة وسلام من الأزمات والويلات التي تحل به،
 لا لأن هناك قوة شريرة تعادي العقل، ولكن لأن جهل الأنسان لعقله يخلق فجوات ظالمة، على العقل أن يضيئها بنفسه،
 وإن الأديان بمجملها أُنزلت لا لتطرح حلولاً لمشكلات ظرفية، ولو كانت كذلك لما صحّت كدين، ولكانت أيديولوجية فكرية مكانية زمانية،
 والذين ينظرون إلى كتبهم من هذا المنظار تراهم سجناء الماضي، وأجسامهم موجودة في الحاضر بينما عقولهم موجودة في وهم من خلقها،
 لذلك يستحيل على هؤلاء أن يتّفقوا على أبسط الأمور، فحوارهم كحوار الصم، ونيّتهم غير صادقة، والخير الذي يعملون من أجله زائل بلمح العين،
وليست الشعوب التي ارتدّت على الأديان عقلانية الفكر كما تدّعي،
 فهذه إستبدلت الأديان بالعلم التجريبي والقياس المحسوس، وفي نظرها ليس العقل إلا دماغاً، نشأ وارتقى في أحداث طبيعية عشوائية،
 وهكذا فإن تفسير الأديان والفكر المادي يلتقيان على الأرض، ولايرون شيئاً فوقها إلا في اقتناعتهم المبنية على غير الحق،
لكن الواقع أن الأديان تدعو للأيمان بالعقل، وأن العلم التجريبي والفكر يدلاّن على العقل، 
وطالما أن الأنسان جاهل عقله، فإنه سجين المادّة، وأخلاقه خسيسة مثلها،
 وتراه يرتكب الآثام العظيمة، بالفكر والعمل، وهو ساهٍ عن آثامه، بل لو سألته لما تردد أن يقول أنه فاضل وخيّر في عمله وفكره،
 وتراه يلاحظ آثام غيره من الناس، وينتقدها بالحجّة المنطقيّة، وهو غافل كل الغفلة عن هذه الآثام عينها حين يرتكبها هو،
لأن الصورة هي التي تحدد الأثم بنظره، لأنه لم ير الحق،
 ومهما اطلتُ الشرح والتمثيل، فإنّه لا ينفع إلا الذي لديه نية صادقة، وطلب حقيقي في الأنتفاع، لأن الكلمات موجودة في العقل، وليست في حبرها على الورق،
وإنه لا يمنع البشرَ شيءٌ أن يعتقدوا ما شاؤوا، ومعتقدهم سيؤدي بهم إلى ما طلبوا، بقانون هذا العالم،
 المشكلة أنهم عندما يصلون سيكون ندمهم شديداً، إذ يرون بأم أعينهم أن ما وصلت نفوسهم إليه غرق أكثر عمقاً، وأن للخلاص منه طريقاً أشق وأبعد مسافةً،
 وليس لي غاية في هذه الكتابة إلا التعبير عن هذه المعاني، للأشارة إلى المعنى الكامل الواحد، الذي لايوحي للناظر بعينه إلا المعرفة والخير والمحبة والفضيلة، كيفما تقلبت الصور في ظروفها،
ولا يوحد موحد ربه إلا بعينه وإذنه ويده،
فإن كان هذا يغيظ بعض الناس على اختلاف معتقداتهم، فلا أملك من هذا شيئاً، وليس لي غاية منه،
 وهذا الآن موجود، ولا قوةَ في العالم قادرة على محوه، فإن تجاهله هؤلاء فسوف يعود إليهم، آنئذ ليس حالهم إلا الذعر والندم،
ولا يتطلّب أن ينكر الناس كتبهم وأهليهم وأن يتجمعوا تجمعاً جديداً، فلا يداوي الداء داءه، 
 بل يتطلب أن ينظر الناس وراء جُدُرهم، ليروا غيرههم من الناس، وأن ما بين أيديهم وما بين أيدي الناس ذو حقيقة واحدة، وأن عرضه الأدنى مثله، 
وأن الوعود التي وعدوا أنفسهم لم تتحقق، ولو أخضعوها للتحليل المنطقي لخلصوا إلى أنها من صنعهم،
 فإن شاؤوا الأحتفاظ بها، فهذا اختيارهم، وليس الأحتفاظ بها مانع أن تكون عقولهم المرجع الأعلى في كل عمل يعملون وفكر يتفكرون، فتجتمعَ الأنسانيةُ سواءً عليه،
فإن كان كذلك فيجب أن يُرمى به بعيداً فلا استرداد له،
 وما أكثر الخائفين الخوّافين، الذين يريدون بالأنسان بقاءً على جاهليته، لأن ممالكهم أرضية، لا تزدهر إلا في الجاهلية،
إنها الممالك التي تربو بالطمع المادي، وتَنْحَثّ بالأحقاد والعداوة، وتسن قوانينها و تنسبها لآلهة من وهمها،
 هذه الممالك تدمر نفسها بقانونها الطبيعي، وتبقى أجيالاً تدفع ثمناً لأخطائها باهظاً، وعساها أن تكون قد تعلمت درساً،
والتاريخ المعروف مليء بلأمثلة، فهل أتى على الأنسان حين من الدهر لم يكن فيه شيئاً مذكوراً؟
للناس المسرّة، وعلى الأرض السلام. 
ذكر صديق لي منذ يومين على صفحة أخرى كتاب عن البوذية عنوانه "مشعل اليقين"
The Torch of Certainty
 و لأني لم أكن أعرفه سارعت للبحث عنه على الشبكة العنكبوتية، ولم أُصب بخيبة أمل إذ وجدت شيئاً أكثر أهمية من الكتاب، و هو محاضرة القاها الكرمابا لاما في أوائل الشهر الماضي، بعنوان مشعل اليقين،
 و لم يأت على ذكر الكتاب في محاضرته، إلا أني إنتابتني نشوة عقلية من حديثه البسيط البالغ، وأحسست بفرح عظيم إذ علمت أن هناك معلماً توحيدياً في الشرق الأقصى، نوره سوف يكشف مغالطات وخرافات الجهلة الذين لبسوا جلابيب القداسة، وخلعوا على أنفسهم أسمى الأسماء، لكنهم لا يعرفون الكوع من الباع كما يقول المثل العامي، ولا يرون غير العرض الأدنى،
إن المحاضرة مترجمة للأنغليزية، آمل أن يستطيع بعضكم فهمها وإيصال معانيها للآخرين،
وأرى أنه ليس من المصادفة أن اللاما تحدّث عن الأيمان واليقين والعبادة
devotion
 من حيث أنها إدراك عقلي يبتدئ بالأقتناع الفكري المنطقي، ولا تمت بصلة للتسليم بمقولات ما، لأنها وردت في الكتب وجاءت على ألسنة المعلمين،
وهذا ما أشرتُ إليه حين كتبت عن مراتب الأدراك على هذه السلسلة من الكتابات،
 وهذا ما علّمَتْه كل الرسالات، لكنه بات الآن مدفوناً تحت تفسير المفسرين، فاتخذ التسليم، الذي هو أدنى مرتبات الوعي، إسم الأيمان، فعمت الفوضى في الأرض، وخسر الناس أنفسهم،
 المحاضرة طويلة لكنها نافعة، أرجو أن يكون لديكم الوقت والصبر لأنهائها وتعليمها للأقربين.


 

 


All rights reserved
Copyright The Circle of Beauty

  Site Map